للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مسلسل بالتحديث، وأن فيه رواية صحابيّ عن صحابيّ، وأن أبا الطفيل آخر من مات من الصحابة -رضي اللَّه عنهم- على الإطلاق، كما أسلفته آنفًا.

شرح الحديث:

عن أبي الطُّفَيْلِ عامر بن واثلة -رضي اللَّه عنه-؛ أنه (قَالَ: كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ) اسمه وديعة بن ثابت، كما بُيّن في رواية الطبرانيّ في "الكبير"، لكنه جعل الكلام بينه وبين عمّار -رضي اللَّه عنه-، ويمكن أن يتكرّر، واللَّه تعالى أعلم.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذه العقبة ليست العقبة المشهورة بمنى التي كانت بها بيعة الأنصار -رضي اللَّه عنهم-، وإنما هذه عَقبة على طريق تبوك، اجتمع المنافقون فيها للغدر برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، في غزوة تبوك، فعصمه اللَّه تعالى منهم. انتهى (١).

وقال ابن الجوزيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الحديث يُشكل على المبتدئين؛ لأن أهل العقبة إذا أُطلقوا، فإنما يشار بهم إلى الأنصار المبايعين له -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس هذا من ذاك، وإنما هذه عَقبة في طريق تبوك، وقف فيها قوم من المنافقين؛ لِيَفتكوا به -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم أخرج بسنده عن أبي الطفيل قال: لَمّا أقبل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من غزوة تبوك، أمر مناديًا فنادى: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آخذ العقبة، فلا يأخذها أحد، فبينما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقوده حذيفة، ويسوقه عمار، إذ أقبل رهط متلثمون على الرواحل، غَشُوا عمّارًا، وهو يسوق برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لحذيفة: "قُدْ قُدْ"، حتى هبط رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما هبط رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نزل، ورجع عمار، فقال: "يا عمار هل عرفت القوم؟ " فقال: قد عرفت عامة الرواحل، والقوم متلثمون، قال: "هل تدري ما أرادوا؟ " قال: اللَّه ورسوله أعلم، قال: "أرادوا أن يُنَفِّروا برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيطرحوه. . . " الحديث (٢).

وقال الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "مسنده":

(٢٣٨٤٣) - حدثنا يزيد (٣) أنا الوليد -يعني: ابن عبد اللَّه بن جُميع- عن أبي الطفيل، قال: لمّا أقبل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من غزوة تبوك أمر مناديًا، فنادى أن


(١) "شرح النوويّ" ١٧/ ١٢٥ - ١٢٦.
(٢) "كشف المشكل من حديث الصحيحين" ص ٢٥٧.
(٣) هو: ابن هارون.