للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بالنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة العقبة مرجعه من تبوك، حين أخذ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مع عمّار وحذيفة طريق الثنيّة، والقوم بطن الوادي، فطمِع اثنا عشر رجلًا في المكر به -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاتّبعوه ساترين وجوههم، غير أعينهم، فلما سمع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خشفة القوم من ورائه أمر حذيفة أن يردّهم، فخوّفهم اللَّه تعالى حين أبصروا حذيفة، فرجعوا مسرعين على أعقابهم حتى خالطوا الناس، فأدرك حذيفة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال لحذيفة: "هل عرفت أحدًا منهم؟ " قال: لا، فإنهم كانوا متلثّمين، ولكن أعرف رواحلهم، فقال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه أخبرني بأسمائهم، وأسماء آبائهم، وسأخبرك بهم -إن شاء اللَّه تعالى- عند الصباح"، فمن ثمّ كان الناس يراجعون حذيفة في أمر المنافقين، قيل: أسرّ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر هذه الفئة المشؤومة؛ لئلا تهيج الفتنة من تشهيرهم، ذكره في "المبارق" (١).

وقوله: (وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا)؛ أي: يشمّونها، وهو كناية عن شدّة بُعدهم، وعدم قربهم من الجنّة، فهم محرومون منها أبدًا.

وقوله: (سِرَاجٌ مِنَ النَّارِ) وفي بعض النسخ: "سراج من نار"؛ أي: التهاب من نار، وهو تفسير للدُّبيلة؛ يعني: أن دُمّلًا يظهر في أكتافهم، وفيه حمرة، وحرارة كأنها سِراج من نار، وفي رواية للطبرانيّ: "شهاب من نار".

وقوله: (يَظْهَرُ فِي أَكْتَافِهِمْ) بفتح الهمزة: جمع كَتِفٍ، بفتح الكاف، وكسر التاء، وبتسكينها مع فتح الكاف، وكسرها، وإنما جَمَعه نظرًا إلى أفرادهم، وإلا فلكل إنسان كتفان، والكتفان هما: العظمان الناتئان في أعلى الظهر، بينه وبين الرقبة؛ يعني: أن الدّبيلة سراج من نار؛ أي: دُمّل يظهر في أكتافهم، وفيه حمرة وحرارة، كأنها سراج، وشُعلة من نار يدخل في جوفهم.

وقوله: (حَتَّى يَنْجُمَ مِنْ صُدُورِهِمْ) بضمّ الجيم، من باب نصر؛ أي: حتى يطلع، ويخرج من صدروهم؛ يعني: يحدث في أكتافهم جراح تظهر حرارتها من صدورهم، فتقتلهم، وهذا تفسير من النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للدُّبيلة، عبّر عنها بالسراج، وهو شُعلة المصباح للمبالغة، قاله في "المبارق" (٢).


(١) راجع: هامش النسخة التركيّة ٨/ ١٢٣.
(٢) راجع: هامش النسخة التركيّة ٨/ ١٢٣.