قال الحافظ: والذي يتحصل لي من الجواب عن هذا الاحتمال أن يكون علقمة بن وقاص، كان حاضرًا عند ابن عباس لمّا أجاب، فالحديث من رواية علقمة، عن ابن عباس، وإنما قَصّ علقمة سبب تحديث ابن عباس بذلك فقط، وكذا أقول في حميد بن عبد الرحمن، فكأن ابن أبي مليكة حمله عن كل منهما، وحدّث به ابنَ جريج، عن كل منهما، فحدّث به ابنُ جريج تارةً عن هذا، وتارةً عن هذا.
وقد روى ابن مردويه في حديث أبي سعيد ما يدلّ على سبب إرساله لابن عباس، فأخرج من طريق الليث، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، قال: كان أبو سعيد، وزيد بن ثابت، ورافع بن خَدِيج عند مروان، فقال: يا أبا سعيد أرأيت قول اللَّه، فذكر الآية، فقال: إن هذا ليس من ذاك، إنما ذاك أن ناسًا من المنافقين، فذكر نحو حديث الباب، وفيه: فإن كان لهم نصرٌ وفتحٌ حلفوا لهم على سرورهم بذلك؛ ليَحمدوهم على فرحهم وسرورهم، فكأن مروان توقف في ذلك، فقال أبو سعيد: هذا يُعلم بهذا، فقال: أكذلك يا زيد؟ قال: نعم، صدق.
ومن طريق مالك، عن زيد بن أسلم، عن رافع بن خَديج، أن مروان سأله عن ذلك، فأجابه بنحو ما قال أبو سعيد، فكأن مروان أراد زيادة الاستظهار، فأرسل بوابه رافعًا إلى ابن عباس، يسأله عن ذلك، واللَّه أعلم.
ويَحْتَمِل أن يكون "آتى" بالمدّ، بمعنى أعطى، ولفظ البخاريّ:"بما أُوتي" بالبناء للمفعول، (وَأَحَبَّ) عطف على "فَرِحَ"، (أَنْ يُحْمَدَ) بالبناء للمفعول؛ أي: أن يحمده الناس، ويُثنوا عليه (بِمَا لَمْ يَفْعَلْ) من أنواع