للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بِنَحْوِ "يَعْنِي" أَوْ بِـ "أَنَّ" أَوْ بـ "هُوْ" … أَمَّا إِذَا أَتَمَّهُ أَوَّلَهُ

أَجِزْهُ فِي الْبَاقِي لَدَى الْجُمْهُورِ … وَالْفَصْلُ أَوْلَى قَاصِرَ الْمَذْكُورِ

(قَالَ) زيد بن ثابت: (سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ) الْخَطْميّ، حال كونه (يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ) الأنصاريّ -رضي اللَّه عنه-؛ (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ)؛ أي: إلى غزوة أُحُد، بضمّتين، وهو الجبل المعروف بالمدينة بينه وبينها أقلّ من فرسخ، وكانت عنده الوقعة المشهورة في شوَّال سنة ثلاث باتّفاق الجمهور، وقيل غير ذلك، وقد تقدّم البحث في هذا مستوفًى في "كتاب الجهاد". (فَرَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ) -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ يعني: عبد اللَّه بن أُبَيّ وأصحابه، وقد ورد ذلك صريحًا في رواية موسى بن عقبة في "المغازي"، وأن عبد اللَّه بن أُبَيّ كان وافق رأيه رأي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على الإقامة بالمدينة، فلما أشار غيره بالخروج، وأجابهم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فخّرج، قال عبد اللَّه بن أُبي لأصحابه: أطاعهم، وعصاني، علامَ نقتل أنفسنا؟ فرجع بثلث الناس، قال ابن إسحاق في روايته: فاتّبعهم عبد اللَّه بن عمرو بن حَرَام، وهو والد جابر، وكان خزرجيًّا، كعبد اللَّه بن أُبَيّ، فناشدهم أن يرجعوا، فأبوا، فقال: أبعدكم اللَّه (١). (فَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ)؛ أي: طائفتين في الحُكم فيمن انصرف مع عبد اللَّه بن أُبيّ. (قَالَ بَعْضُهُمْ)؛ أي: بعض الصحابة، (نَقْتُلُهُمْ)؛ أي: لأنهم خذلوا النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأصحابه، فيستحقّون القتل، (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا)؛ أي: لا نقتلهم؛ لأنهم مسلمون ظاهرًا، (فَنَزَلَت) الآية الكريمة، وهي قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: ({فَمَا لَكُمْ}) الآية، وهذا هو الصحيح في سبب نزولها، وأخرج ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم، عن أبي سعيد بن معاذ، قال: نزلت هذه الآية في الأنصار، خطب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "من لي بمن يؤذيني؟. . . "، فذكر منازعة سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وأُسيد بن حضير، ومحمد بن مسلمة، قال: فأنزل اللَّه هذه الآية.

وفي سبب نزولها قول آخر، أخرجه أحمد، من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه، أن قومًا أتوا المدينة، فأسلموا، فأصابهم الوباء،


(١) "الفتح" ٩/ ١٢٦، "كتاب المغازي" رقم (٤٠٥٠).