للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تأويلاتهم مخالفين لأهل الحديث، وعموم السلف، وقد تقدّم في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الماضي الردّ عليهم بما فيه كفاية، فراجعه تستفد.

وقال صاحب "المرعاة" بعد نقل كلام المؤوّلين ما نصّه: قلت: كل صفة وصف اللَّه بها نفسه، أو وصفه بها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهي صفة حقيقةً لا مجازًا، فهو تعالى يسمع، ويبصر، ويتكلم بما شاء، متى شاء، ويرضى، ويسخط، ويَعْجَب، ويفرح بتوبة عبده، ومعنى كل ذلك معلوم، والكيف مجهول، فنُثبت له ذلك كله، ولا نكيّفه، ولا نشبّهه بصفات المخلوقين، ولا نؤوّله، ولا نعطّله. قال شيخنا: لا حاجه إلى التأويل، ومذهب السلف في أمثال هذا الحديث إمرارها على ظواهرها، من غير تكييف، ولا تشبيه، ولا تأويل هذا. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا هو واجب كل مسلم تجاه آيات الصفات، وأحاديثها، كالاستواء، والنزول، والمجيء، والمحبّة، والفرح، والغضب، والرضا، وغير ذلك، أن يُثبتها للَّه سبحانه وتعالى كما أثبتتها نصوص الكتاب والسُّنَّة، وأجراها السلف الصالح على ظواهرها، وحقيقتها على ما يليق بجلاله تعالى، ولا يُشبّه، ولا يمثّل، ولا يؤوّل، ولا يعطّل، فهذا هو المذهب الأعلم الأحكم الأسلم، فاقبله تَسْلَم، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(مِنْ رَجُلٍ) متعلّق بـ "أفرح"، (فِي أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ) -بفتح الدال، وتشديد الواو المكسورة، وتشديد الياء المفتوحة، بعدها هاء التأنيث-: نسبة إلى الدّوّ -بفتح الدال، وتشديد الواو- وهي الأرض الفَقْر، والفلاة الخالية؛ أي: البريّة، والصحراء التي لا نبات بها، قال ابن الأثير: الدّوّ: الصحراء، والدويّة منسوبة إليها.

ووقع في الرواية التالية: "داويّة"، وهي أيضًا بتشديد الياء، وقيل: ذلك لإبدال الواو الأولى ألفًا، وقد يُبدل في النسبة على غير قياس، نحو طائيّ في النسبة إلى طيء.

(مَهْلَكَةٍ) -بفتح الميم، واللام، بينهما هاء ساكنة-؛ أي: موضع


(١) "مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح" ٨/ ١٤٥.