للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لم أر في شيء من طرقه محلّ الدعاء بذلك، وقد وقع معظم آخره في حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-؛ أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقوله في صلاة الليل، ووقع أيضًا في حديث عليّ -رضي اللَّه عنه- عند مسلم؛ أنه كان يقوله في آخر الصلاة، واختَلفت الرواية هل كان يقوله قبل السلام، أو بعده؟ ففي رواية لمسلم: "ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والسلام: اللَّهُمَّ اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت"، وفي رواية له، ولأحمد، وأبي داود، والترمذيّ: "وإذا سلَّم قال: اللَّهُمَّ اغفر لي ما قدّمت. . . " إلى آخره. ويُجمع بينهما بحمل الرواية الثانية على إرادة السلام؛ لأن مخرج الطريقين واحد، وأورده ابن حبان في "صحيحه" بلفظ: "كان إذا فرغ من الصلاة، وسلَّم"، وهذا ظاهر في أنه بعد السلام، ويَحْتَمِل أنه كان يقول ذلك قبل السلام وبعده، وقد وقع في حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- نحو ذلك. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي حَمْله على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقوله قبل السلام، وبعد السلام، أو يكون على اختلاف الأوقات أقرب، وأحوط، واللَّه تعالى أعلم.

("اللَّهمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي)؛ أي: سيئتي، أو ذنبي، قال في "الفتح": الخطئية: الذنب، يقال: خَطِئَ يَخْطَأُ، ويجوز تسهيل الهمزة، فيقال: خطيّة بتشديد الياء. انتهى (٢). (وَجَهْلِي)؛ أي: ما صدر مني من أجل جهلي، والجهلُ ضدّ العلم، وقال القاري: "وجهلي"؛ أي: فيما يجب عليّ عِلمه، وعمله، وقيل: أي: ما لم أعلمه، (وَإِسْرَافِي) الإسراف: الإفراط في كل شيء، ومجاوزة الحدّ فيه؛ أي: تجاوزي عن حدّي، وقوله: (فِي أَمْرِي)؛ أي: في أموري كلها، قال الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يَحْتَمِل أن يتعلق بالإسراف فقط، ويَحْتَمِل أن يتعلق بجميع ما ذُكر على سبيل التنازع بين العوامل (٣). (وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ


(١) "الفتح" ١٤/ ٤٤٠، "كتاب الدعوات" رقم (٦٣٩٨).
(٢) "الفتح" ١٤/ ٤٤٠.
(٣) "شرح البخاريّ" للكرمانيّ ٢٢/ ١٧٩.