للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

من باب التشبيه؛ لأنه لا عصفور في الجنة، فممنوع؛ لِمَا ورد في الحديث: "إن في الجنّة طيرًا كأمثال الْبُخْت تأتي الرَّجل، فيُصيب منها، ثم تذهب كأن لم ينقص منها شيء"، وقد قال الله -عز وجل-: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١)} [الواقعة: ٢١]. وأما ما ذكره ابن حجر -يعني: الهيتمي- من حديث: "أرواح الشهداء في أجواف طيور خُضْر. . ." (١)، وخبر: "إنما نسمة المؤمن -أي: روحه- طائر في شجر الجنة. . ." (٢)، فليس يصلح سندًا للمنع، كما لا يخفى (٣). انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي قال: إنه ليس من باب التشبيه، هو الطيبيّ، ونصّ عبارته في "الكاشف":

[فإن قلت]: هذا فيه إشكال؛ لأنه ليس من باب التشبيه، كما تقول: هذا كعصفور من عصافير الجنة؛ إذ ليس المراد أن ثمة عصفورًا، وهذا مشبَّه به، ولا من باب الاستعارة؛ لأنّ المشبّه والمشبَّه به مذكوران؛ لأن التقدير هو عصفور، والمقدّر كالملفوظ.


(١) حديث أخرجه مسلم في "صحيحه"، ولفظه: عن مسروق قال: سألنا عبد الله عن هذه الآية: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)} [آل عمران: ١٦٩] قال: أمَا إنا قد سألنا عن ذلك، فقال: "أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطّلع إليهم ربهم اطّلاعة، فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أيَّ شيء نشتهي، ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات: فلما رأوا أنهم لن يُتركوا من أن يُسألوا، قالوا: يا رب نريد أن تردّ أرواحنا في أجسادنا، حتى نُقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تُركوا".
(٢) حديث صحيح، أخرجه النسائيّ في "المجتبى" ٨/ ١٠٤، رقم الحديث (٢٠٧٣). ولفظه: "إنما نَسَمَة المؤمن طائر، في شجر الجنة، حتى يبعثه الله -عز وجل- إلى جسده يوم القيامة".
(٣) قال الجامع: الظاهر أنه صالح للمنع، فتأمّل.
(٤) راجع: "المرقاة" ١/ ٢٦٩ - ٢٧٠.