للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قيل من التفسير يُسدِّد قول النحويين: إنها فُعلَى من الطِّيب. ورُوي عن سعيد بن جبير أنه قال: طوبى اسم الجنّة بالحبشيّة. وقال عكرمة: طوبى لهم: معناه الحسنى لهم. وقال قتادة: طوبى كلمة عربيّة، تقول العرب: طوبى لك إن فعلت كذا وكذا؛ وأنشد [من الطويل]:

طُوبَى لِمَنْ يَسْتَبْدِلُ الطَّوْدَ بِالْقُرَى … وَرِسْلًا بِيَقْطِينِ الْعِرَاقِ وَفُومِهَا

"الرِّسْلُ": اللَّبَن، و"الطَّوْدُ": الجبلُ، و"اليَقْطِينُ": القَرْعُ، وقال أبو عبيدة: كل ورقة اتّسعت، وسترت فهي يَقْطِين. و"الْفُومُ": الخبز، والحنطة، ويقال: هو الثُّوم. وفي الحديث: "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود كما بدأ غريبًا، فطوبى للغرباء" (١). طوبى اسم الجنّة، وقيل: شجرة فيها، وأصلها فُعْلَى من الطيب، فلما ضُمَّت الطاء، انقلبت الياء واوًا. وفي الحديث: "طوبى للشام؛ لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها" (٢). والمراد بها هاهنا: فُعلَى من الطِّيب، لا الجنّة، ولا الشجرة. انتهى كلام ابن منظور ببعض اختصار (٣).

(عُصْفُورٌ) خبر لمحذوف؛ أي: هو عصفور؛ أي: طير صغير، والعصفور بضم العين المهملة، على المشهور، وقد تُفتح، وأنكر الفتح بعضهم، طائر معروف، ذَكَر، والأنثى بالهاء، قيل: سُمّي بذلك لأنه عصى، وفَرّ (٤).

(مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ)؛ أي: هو مثلها، من حيث إنه لا ذَنْب عليه، وينزل في الجنة حيث يشاء. قال ابن الملك: شبّهته بالعصفور كما هو صغير، إما بالنسبة إلى ما هو أكبر منه من الطيور، وإما لكونه خاليًا من الذنوب من عدم كونه مكلّفًا. انتهى.

قال القاريّ: والأظهر الثاني، فهو تشبيه بليغ، وما قيل: من أن هذا ليس


(١) أخرجه مسلم في "الإيمان"، رقم الحديث (١٤٥).
(٢) حديث صحيح، أخرجه أحمد، والترمذي، والحاكم، من حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه-.
(٣) "لسان العرب" في مادة: (طيب).
(٤) راجع: "تاج العروس من جواهر القاموس" ٣/ ٤٠٨.