للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تعالى كلّمه كفاحًا؛ لأن ذلك في البرزخ، وحكم الآخرة يختلف عن حكم الدنيا، كما ثبتت رؤيته للمؤمنين هناك، بخلافها في الدنيا.

٦ - (ومنها): بيان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلّغ جميع ما أُرسل بتبليغه، وقال البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "صحيحه": قال الزهريّ: من الله الرسالة، وعلى الرسول التبليغ، وعلينا التسليم. انتهى.

وقد شهدت له - صلى الله عليه وسلم - أمته بتبليغه، وأدائه الأمانة، واستنطقهم بذلك في أعظم المحافل في خطبته يوم عرفة في حجة الوداع، وقد كان هناك من أصحابه نحو أربعين ألفًا، أو أكثر، فقد أخرج مسلم في "صحيحه" من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - الطويل، وفيه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيها الناس إنكم مسؤولون عنّي في أنتم قائلون؟ " قالوا: نشهد أنك قد بلّغتَ، وأدّيت، ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وَينْكُتها إلى الناس: "اللهم اشهد، اللهم اشهد"، ثلاث مرات.

٧ - (ومنها): أدب طالب العلم، فإن مسروقًا كان متّكئًا، فلما أراد أن يسأل عائشة - رضي الله عنها - جلس؛ لأن الايماء يخالف تواضع طالب العلم.

٨ - (ومنها): ما قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: في قول عائشة - رضي الله عنها -: "والله يقول"، وقول مسروق: "ألم يقل الله" بصيغة المضارع تصريح من عائشة ومسروق - رضي الله عنهما - بجواز قول المستدل بآية من القرآن: إن الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - "يقول"، وقد كَرِه ذلك مُطَرِّف بن عبد الله بن الشخّير التابعيّ المشهور، فرَوَى ابن أبي داود بإسناده عنه، أنه قال: لا تقولوا: إن الله يقول، ولكن قولوا: إن الله قال، وهذا الذي أنكره مُطَرِّف - رَحِمَهُ اللهُ - خلاف ما فعلته الصحابة والتابعون، ومن بعدهم من أئمة المسلمين، فالصحيح المختار جواز الأمرين، كما استعملته عائشة - رضي الله عنها -، ومن في عصرها وبعدها من السلف والخلف، وليس لمن أنكره حجةٌ، ومما يَدُلُّ على جوازه من النصوص قول الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: ٤]، وفي "صحيح مسلم" - رَحِمَهُ اللهُ -، عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "يقول الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها". انتهى (١)، والله تعالى أعلم


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ٩.