(اعلم): أنه لم يأتي ذكر الحجّ في هذا الحديث، ولا جاء ذكره في حديث جبريل من رواية أبي هريرة، وكذا غيره من نحو هذه الأحاديث لم يُذكَر في بعضها الصوم، ولم يُذكر في بعضها الزكاة، وذُكر في بعضها صلة الرحم، وفي بعضها أداء الخمس، ولم يقع في بعضها ذكر الإيمان، فتفاوتت هذه الأحاديث في عدد خصال الإيمان زيادةً ونُقصانًا، وإثباتًا وحذفًا.
وقد أجاب القاضي عياض وغيره عنها بجواب لَخّصه الشيخ أبو عمرو بن الصلاح وهَذّبه فقال: ليس هذا باختلاف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل هو من تفاوت الرواة في الحفظ والضبط، فمنهم من قصّر واختصر على ما حفظه فأدّاه، ولم يتعرّض لما زاده غيره بنفي ولا إثبات، وقد وقع التفاوت عن واحد، ألا ترى إلى حديث النعمان بن قوقل - رضي الله عنه - اختلفت الروايات في خصاله بالزيادة والنقصان، مع أن رواي الجميع واحد، وهو جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - في قضيّة واحدة، ثم ذلك لا يمنع من إيراد الجميع في "الصحيح"؛ لما عُرِف في مسألة زيادة الثقة من أنها مقبولة أيضًا (١).
وقال البيضاويّ: وينبغي لك أن تعلم أن الحديث الواحد إذا رواه راويان، واشتملت إحدى الروايتين على زيادة، فإن لم تكن مغيّرة لإعراب الباقي قُبلت، وحُمل ذلك على نسيان الآخر؛ لذهوله، أو اقتصاره بالمقصود منه في صورة الإستشهاد، وإن كانت مغيّرة تعارضت الروايات، وتعيّن طلب الترجيح. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه:"فإن لم تكن مغيرة لإعراب الباقي إلخ"، هذا قول من الأقوال التي ذُكرت في قبول زيادة الثقة، لكن القول الراجح أنه لا اعتبار بتغيير الإعراب وعدمه، وإنما العبرة في زيادة الثقة بالمخالفة وعدمها، فإذا كانت مخالفةً لرواية الجماعة، بأن كان يلزم من قبولها ردّ روايتهم، فلا تقبل، وإلا قُبلت، وإلى تلك الأقوال مع الترجيح أشار السيوطيّ في "ألفيّة الحديث" حيث قال: