للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والأفعال، والأسماء المفردات؛ لأنها في نفسها لا تنفكّ عن إضافة، وقد جاءت مفردةً ومضافةً إلى مفرد، وإلى فعل، ومجموعةً ومثنّاةً، وكلّه عندهم شاذٌ، كقولهم: ذو يَزَن، وذو نُوَاس، وقالوا فيهم الذَّوَين، والأَذْوَاء، وقالوا: افعَلْ بذي تَسْلَم.

وتقدير هذا عندهم على الإنفصال، كما قال: أي الذي له كذا، أو الذي تسلم، كذلك قوله: "ذا رَحِمِكَ"، أي الذي له رَحِمٌ معك يشاركك فيها، ونحوه، ومعنى "ذو" صاحب، قيل: وأصله ذُوُو؛ لأنهم قالوا في تثنيته ذوا مال. انتهى كلام القاضي (١).

قال الجامح عفا الله تعالى عنه: عندي أنه لا حاجة إلى ما تكلّف به المازريّ وعياض في قوله: "ذا رَحِمِك"؛ لأن المراد بالرحم القرابة، وهي اسم جنس، فيصحّ إضافة "ذي" إليها بدون تأويل، كما سبق في كلام القرطبيّ، وليس هو من جنس "ذي يَزَنَ"، و"ذي نُوَاس"، و"ذي تسلم"، فتبصّر. والله تعالى أعلم بالصواب.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن تَمَسّك بما أُمر به دخل الجنة"، قال النوويّ: كذا هو في معظم الأصول المحققة، وكذا ضبطناه "أمِرَ" - بضم الهمزة، وكسر الميم - و"بِهِ" - بباء موحدة مكسورة - مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُهُ، وضبطه الحافظ أبو عامر العبدريّ: "أَمَرتُهُ" - بفتح الهمزة، وبالتاء المثنّاة من فوقُ التي هي ضمير المتكلم، وكلاهما صحيح، والله أعلم.

وأما ذكره - صلى الله عليه وسلم - صِلَةَ الرحم في هذا الحديث، وذِكْرُ الأوعيةِ في حديث وفد عبد القيس، وغيرِ ذلك في غيرهما، فقال القاضي عياض وغيره رحمهم الله: ذلك بحسب ما يَخُصُّ السائل، ويَعْنِيهِ (٢). والله تعالى أعلم بالصواب.

[تنبيه]: ترجم القرطبيّ رحمه الله تعالى، بقوله: "باب من اقتصر على فعل ما وجب عليه، وانتهى عمّا حُرّم عليه دخل الجنّة"، ثم أورد حديث أبي أيوب - رضي الله عنه - هذا، وحديث جابر - رضي الله عنه - الآتي: أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) "إكمال المعلم" ١/ ١٤٢ - ١٤٣.
(٢) "شرح مسلم" للنوويّ ١/ ١٧٤.