للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

غير أن أُظهره، (كَرِهَ) بكسر الراء، يقال: كَرِهه، كسَمِعه، كَرْهًا بالفتح، ويُضمّ، وكراهَةً، وكراهيةً بالتخفيف، ومكرَهَةً، وتُضمّ راؤه، وتكرّهه: ضدّ أحبّه (١). (أَنِ انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ) قبيلتِه؛ لأنها معروفة بقطع الطريق، وقد وقع ذلك صريحًا فيما أخرجه ابن سعد في "طبقاته" من طريق الواقديّ من غير هذا السياق، وفيه: "فسأله النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ممن أنت؟ فقال: من بني غفار، قال: فعجب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أنهم يقطعون الطريق، فجعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يرفع بصره فيه، ويصوِّبه تعجبًا من ذلك؛ لِمَا كان يَعْلَم منهم، ثم قال: إن الله يهدي من يشاء" (٢).

وقد روى الواقديّ أيضًا: أن أبا ذرّ نفسه كان يقطع الطريق، فروى عن خُفَاف بن إيما بن رَحَضَة قال: "كان أبو ذرّ رجلًا يصيب الطريق، وكان شجاعًا يتفرد وحده يقطع الطريق، ويُغِير على الصِّرْم في عَماية الصبح على ظهر فرسه، أو على قدميه، كأنه السبع، فيطرُق الحيّ، ويأخذ ما أخذ، ثم إن الله قذف في قلبه الإسلام، وسمع بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو يومئذ بمكة، يدعو مختفيًا، فأقبل يسأل عنه، حتى أتاه في منزلة. . ." الحديث (٣).

(فَذَهَبْتُ)؛ أي: شرعتُ (آخُذُ بِيَدِهِ) - صلى الله عليه وسلم - (فَقَدَعَنِي صَاحِبُهُ)؛ أي: دفعني صاحبه أبو بكر الصدّيق - رضي الله عنه -، يقال: قَدَعه بالدال المهملة، كقطعه، وأقدعه: إذا كفّه، ومنعه.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "فَقَدَعَنِي صاحبه"؛ أي: كفَّني، ومنعني، يقال: قَدَعْتُ الرَّجَل، وأقْدَعتُه: إذا كففته، ومنه قول الحسن: اقْدَعُوا هذه الأنفس، فإنَّها طُلَعَةٌ، وهو بالدال المهملة. انتهى (٤).

(وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي)؛ يعني: أن صاحبه أبا بكر - رضي الله عنه - كان أعلم بشأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وحاله من أبي ذرّ - رضي الله عنه -، فلذلك مَنَعه لِعِلمه أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يُحبّ ذلك، (ثُمَّ رَفَعَ) - صلى الله عليه وسلم - (رَأْسَهُ) إلى أبي ذرّ: (ثُمَّ قَالَ: "مَتَى كُنْتَ هَا هُنَا؟ " أي: في


(١) "القاموس المحيط" ص ١١٢٨ بزيادة من "المصباح".
(٢) "الطبقات الكبرى" لابن سعد ٤/ ٢٢٣.
(٣) "الطبقات الكبرى" لابن سعد ٤/ ٢٢٢.
(٤) "المفهم" ٦/ ٣٩٦ - ٣٩٧.