قال يعقوب بن السكيت: أرادت أنه يبكر بخروجه من منزلها غدوة، وقت قيام الخدم والعبيد لأشغالهم، وانطوى في خبرها كثرة خير داره، وغزر لبنه، وأن عندهم ما يكفيهم، ويفضل حتى يمخضوه، ويستخرجوا زُبْده، ويَحْتَمِل أن يكون أنها أرادت أن الوقت الذي خرج فيه كان في زمن الخصب، وطيب الربيع، قال الحافظ: وكأن سبب ذِكر ذلك توطئة للباعث على رؤية أبي زرع للمرأة على الحالة التي رآها عليها؛ أي: أنها من مخض اللبن تعبت، فاستلقت تستريح، فرآها أبو زرع على ذلك.
(فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا، كَالْفَهْدَيْنِ) وفي رواية الطبرانيّ: "فأبصر امرأة، لها ابنان كالفهدين"، وفي رواية ابن الأنباريّ:"كالصقرين"، وفي رواية الكاذي:"كالشبلين"، ووقع في رواية إسماعيل بن أبي أويس:"سارّين، حسنين، نفيسين"، وفائدة وصفها لهما التنبيه على أسباب تزويج أبي زرع لها؛ لأنهم كانوا يرغبون في أن تكون أولادهم من النساء المنجبات، فلذلك حَرَص أبو زرع عليها لمّا رآها، وفي رواية للنسائيّ:"فإذا هو بأم غلامين"، ووَصْفها لهما بذلك للإشارة إلى صِغَر سنّهما، واشتداد خَلْقهما.
وتواردت الروايات على أنهما ابناها، إلا ما رواه أبو معاوية، عن هشام، فإنه قال:"فَمَرّ على جارية، معها أخواها"، قال عياض: يتأول بأن المراد أنهما ولداها، ولكنهما جُعلا أخويها في حسن الصورة، وكمال الخلقة، فإن حُمل على ظاهره، كان أدلّ على صغر سنها، ويؤيده قوله في رواية غندر:"فمرّ بجارية شابّة"، كذا قال، وليس لغندر في هذا الحديث رواية، وإنما هذه رواية الحارث بن أبي أسامة، عن محمد بن جعفر، وهو الْوَرَكانيّ، ولم يدرك الحارث محمد بن جعفر غندرًا، ويؤيد أنه الوَرَكانيّ أن غندرًا ما له رواية عن عيسى بن يونس، وقد أخرجه الإسماعيليّ، عن البغويّ، عن محمد بن جعفر الوَرَكانيّ، ولكن لم يَسُقْ لفظه، ثم إن كونهما أخويها يدلّ على صغر سنها، فيه نظر؛ لاحتمال أن يكونا من أبيها، ووُلدا له بعد أن طعن في السن، وهي بكر أولاده، فلا تكون شابّةً، ويمكن الجمع بين كونهما أخويها وولديها بأن تكون لمّا وضعت ولديها كانت أمها ترضع، فأرضعتهما.
(يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ) وفي رواية الحارث: "من تحت