للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الشرّ خاصّة، كما تقدم في كلام الأولى، وقال ابن الأعرابيّ: النثاث: المغتاب، ووقع في رواية الزبير: "ولا تخرج".

وقال القرطبيّ: وقولها: "لا تبثُّ حديثنا تبثيثًا" يُروى بالباء الموحّدة، من البث، وهو الإظهار والإشاعة، فتصفها بكتمان ما تسمعه من الحديث، وهذا يدلّ على عقلها، وأمانتها، ويُروى بالنون، وهو بمعنى الأول، يقال: بثَّ الحديث: إذا أفشاه، وفي "الصحاح": بث الخبر، وأبثه: إذا أفشاه، ونثَّه بالنون ينثّه بالضم كذلك، وأنشد [من الطويل]:

إِذَا جَاوَزَ الاثنين سرٌّ فإنَّهُ … بِنَثٍّ وتكْثِيرِ الوُشَاةِ قَمينُ (١)

(وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا) بتشديد القاف، بعدها مثلثة؛ أي: تُسرع فيه بالخيانة، وتُذهبه بالسرقة، كذا في البخاريّ، وضبطه عياض في مسلم بفتح أوله، وسكون النون، وضم القاف، قال: وجاء "تنقيثًا" مصدرًا على غير الأصل، وهو جائز، كما في قوله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا} [آل عمران: ٣٧] ووقع عند مسلم في الطريق التي بعد هذه وهي رواية سعيد بن سلمة: "ولا تُنَقّث" بالتشديد، كما في رواية البخاريّ. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا ذَكر في "الفتح" رواية مسلم، وهو عكس ما عندنا من نُسخ مسلم، فإنها بالتشديد في الرواية الأُولى، والتخفيف في الثانية، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.

وضبطه الزمخشريّ بالفاء الثقيلة بدل القاف، وقال في شرحه: النفث والتفل بمعنى، وأرادت المبالغة في براءتها من الخيانة، فيَحْتَمِل إن كان محفوظًا أن تكون إحدى الروايتين في مسلم بالقاف، كما في رواية البخاري، والأخرى بالفاء.

والميرة: بكسر الميم، وسكون التحتانية، بعدها راء: الزاد، وأصله ما يُحَصِّله البدوي من الحضر، وَيحْمِله إلى منزله؛ لينتفع به أهله.

وقال أبو سعيد: التنقيث: إخراج ما في منزل أهلها إلى غيرهم، وقال ابن حبيب: معناه: لا تفسده، ويؤيده أن رواية الزبير: "ولا تفسد"، وذكر


(١) "المفهم" ٦/ ٣٤٧.