للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

استئذان هالة خديجة، وكأن نَغْمةَ هالة كانت تُشبه نَغْمةَ خديجة، وأصلُ هذا كله أن من أحب محبوبًا أحبَّ محبوباته، وما يتعلق به، وما يُشْبِهه. انتهى (١).

(فَارْتَاحَ لِذَلِكَ) بالحاء المهملة؛ أي: اهتزّ لذلك سرورًا، ويُروى: "فارتاع" من الرَّوْع بفتح الراء؛ أي: فَزِع، والمراد من الفزع لازِمُه، وهو التغيّر (٢).

وقال النوويّ -رحمه الله-: قولها: "فارتاح لذلك"؛ أي: هَشّ لمجيئها، وسُرّ بها؛ لتذكّره بها خديجة، وأيامها، وفي هذا كله دليل لِحُسن العهد، وحِفظ الوُدّ، ورعاية حرمة الصاحب، والعشير في حياته، ووفاته، وإكرام أهل ذلك الصاحب. انتهى (٣).

(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: ("اللَّهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خُويلِدٍ") بنصب هالةَ؛ أي: يا الله اجعلها هالةَ، فيكون منصوبًا على المفعولية، للفعل المقدّر، ويجوز رفعه، على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هذه هالةُ (٤).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: يجوز في "هالة" الرفع على خبر الابتداء؛ أي: هذه هالة، فأكرمها، وأحسن إليها، والنَّصب على إضمار فعل؛ أي: أَكْرِم هالةَ، واحفظها، وما أشبَه ذلك من التقدير الذي يليقُ بالمعنى. انتهى (٥).

(فَغِرْتُ) بكسر الغين المعجمة، وتقدّم ضَبْطه، (فَقُلْتُ: وَمَا تَذْكُرُ) "ما" استفهاميّة في محل رفع مبتدأ خبره "تَذكُر"، وهو مبنيّ للفاعل، وقولها: (مِنْ عَجُوزٍ) "من" زائدة، و"عجوز" مفعول به لـ "تذكر"، وقولها: (مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ) متعلّق بصفة لـ "عجوز".

قال القرطبيّ -رحمه الله-: قول عائشة -رضي الله عنها- هذا قولٌ أخرجه منها فرط الغيرة، وخِفَّة الشباب، والدَّلال، ولذلك لم يُنكر عليها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- شيئًا مما قالت (٦)، وقد أخذ بعض العلماء من هذا الحديث أن الغَيْرى لا تُؤاخذ بما يصدرُ عنها


(١) "المفهم" ٦/ ٣١٧.
(٢) "عمدة القاري" ١٦/ ٢٨٢.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ٢٠٢.
(٤) "عمدة القاري" ١٦/ ٢٨٢.
(٥) "المفهم" ٦/ ٣١٧.
(٦) هذا غير صحيح، بل أنكر عليها، كما سيأتي بيانه قريبًا.