وتمسّك به النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قوله تعالى:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَو لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} الآية [التوبة: ٨٠] إلى هنا خاصّة، ولذلك اقتصر في جواب عمر على التخيير، وعلى ذِكر السبعين، فلما وقعت القصّة المذكورة كشف الله عنهم الغطاء، وفَضَحهم على رؤوس الملأ، ونادى عليهم بأنهم كفروا بالله، ورسوله.
قال: وإذا تأمل المصنف وجد الحامل لمن ردّ الحديث، أو تعسّف في التأويل ظَنُّهُ بأن قوله:{بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية [التوبة: ٨٠]، نزل مع قوله:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ}؛ أي: نزلت الآية كاملة؛ لأنه لو فُرض نزولها كاملة لاقترن بالنهي العلة، وهي صريحة في أن قليل الاستغفار، وكثيرة لا يُجدي، وإلا فإذا فُرض ما حرّرته أن هذا القدر نزل متراخيًا عن صدر الآية ارتفع الإشكال، وإذا كان الأمر كذلك، فحجة المتمسّك من القصّة بمفهوم العدد صحيح، وكون ذلك وقع من النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- متمسّكًا بالظاهر على ما هو المشروع في الأحكام إلى أن يقوم الدليل الصارف عن ذلك لا إشكال فيه، فللَّه الحمد على ما ألهم، وعلّم. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ- ملخصًا.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي حرّره الحافظ حسنٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.
١ - (يَحْيَى القَطَّانُ) هو: يحيى بن سعيد بن فَرُّوخ -بفتح الفاء، وتشديد الراء المضمومة، وسكون الواو، ثم معجمة- التميميّ، أبو سعيد البصريّ، ثقةٌ، متقنٌ، حافظٌ، إمامٌ، قُدوةٌ، من كبار [٩](ت ١٩٨) وله ثمان وسبعون سنةً (ع) تقدّم في "شرح المقدّمة" جـ ١ ص ٣٨٥.