للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تذكره لأحد، إني نُهيت أن أصلي على فلان وفلان، رهط ذوي عدد من المنافقين قال: فلذلك كان عمر إذا أراد أن يصلي على أحد استتبع حذيفة، فإن مشى معه، وإلا لم يصلّ عليه.

ومن طريق أخرى عن جبير بن مطعم: أنهم أثنا عشر رجلًا.

ولعل الحكمة في اختصاص المذكورين بذلك أن الله علم أنهم يموتون على الكفر، بخلاف من سواهم، فإنهم تابوا. انتهى.

(المسألة الخامسة): استُشكِلَ فهمُ التخيير من قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَو لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} الآية [التوبة: ٨٠] حتى أقدم جماعة من الأكابر على الطعن في صحة هذا الحديث، مع كثرة طُرُقه، واتفاق الشيخين، وسائر الذين خرّجوا الصحيح على تصحيحه، وذلك ينادي على منكري صحته بعدم معرفة الحديث، وقلّة الاطلاع على طُرُقه.

قال ابن المنيّر: مفهوم الآية زلّت فيه الأقدام، حتى أنكر القاضي أبو بكر صحة الحديث، وقال: لا يجوز أن يُقبل هذا، ولا يصحّ أن الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاله. انتهى. ولفظ القاضي أبي بكر الباقلّانيّ في "التقريب": هذا الحديث من أخبار الآحاد التي لا يُعلم ثبوتها. وقال إمام الحرمين في "مختصره": هذا الحديث غير مخرّج في الصحيح، وقال في "البرهان": لا يصححه أهل الحديث. وقال الغزالي في "المستصفى": الأظهر أن هذا الخبر غير صحيح. وقال الداوديّ الشارح: هذا الحديث غير محفوظ.

والسبب في إنكارهم صحته ما تقرّر عندهم مما قدمناه، وهو الذي فهمه عمر -رضي الله عنه-، من حَمْل "أو" على التسوية لِمَا يقتضيه سياق القصّة، وحَمْل السبعين على المبالغة. قال ابن المنيّر: ليس عند أهل البيان تردُّد أن التخصيص بالعدد في هذا السياق غير مراد. انتهى.

وأيضًا فشَرْط القول بمفهوم الصفة، وكذا العدد عندهم مماثلة المنطوق للمسكوت، وعدم فائدة أخرى، وهنا للمبالغة فائدة واضحة، فأشكل قوله: "سأزيد على السبعين" مع أن حُكم ما زاد عليها حُكمها.

وقد أجاب بعض المتأخرين عن ذلك بأنه إنما قال: "سأزيد على السبعين" استمالةً لقلوب عَشيرته، لا أنه إن زاد على السبعين يُغفر له، ويؤيّده