للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ورَوَى الطبريّ من طريق مغيرة، عن الشعبيّ قال: قال النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "قال الله: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}، فأنا أستغفر لهم سبعين، وسبعين، وسبعين" (١).

(قَالَ) عمر -رضي الله عنه- (إِنَّهُ)؛ أي: عبد الله بن أُبيّ، (مُنَافِقٌ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أما جَزْم عمر -رضي الله عنه- بأنه منافق، فجرى على ما كان يَطَّلع عليه من أحواله، وإنما لم يأخذ النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقوله، وصلى عليه؛ إجراءً له على ظاهر حُكْم الإسلام، كما تقدم تقريره، واستصحابًا لظاهر الحكم، ولمَا فيه من إكرام وَلَدِه الذي تحققت صلاحيته، ومصلحة الاستئلاف لقومه، ودَفْع المفسدة، وكان النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أول الأمر يصبر على أذى المشركين، ويعفو، ويصفح، ثم أُمر بقتال المشركين، فاستمرّ صفحة، وعفوه عمن يظهر الإسلام، ولو كان باطنه على خلاف ذلك؛ لمصلحة الاستئلاف، وعدم التنفير عنه، ولذلك قال: "لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه"، فلما حصل الفتح، ودخل المشركون في الإسلام، وقلّ أهل الكفر، وذَلُّوا أُمر بمجاهرة المنافقين، وحَمْلهم على حُكْم مُرّ الحقّ، ولا سيما وقد كان ذلك قبل نزول النهي الصريح عن الصلاة على المنافقين، وغير ذلك، مما أُمر فيه بمجاهرتهم، وبهذا التقرير يندفع الإشكال عما وقع في هذه القصة بحمد الله تعالى، قاله في "الفتح" (٢).

(وَأَنْزَلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (٨٤)} [التوبة: ٨٤] زاد يحيى القطان، عن عبيد الله بن عمر التالي في آخره: "فترك الصلاة عليهم"، وأخرجه ابن أبي حاتم، عن أبيه، عن مسدّد، وحماد بن زاذان، عن يحيى، وقد أخرجه البخاريّ في "الجنائز" عن مسدد بدون هذه الزيادة، وفي حديث ابن عباس: "فصلى عليه، ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيرًا حتى نزلت"، زاد ابن إسحاق في "المغازي": قال: "حدّثني الزهريّ عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عبّاس، عن عمر قال: "فما صلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على منافق بعده، حتى قبضه الله".


(١) "الفتح" ١٠/ ١٩١ - ١٩٢، كتاب "التفسير" رقم (٤٦٧٠).
(٢) "الفتح" ١٠/ ١٩٢ - ١٩٣، كتاب "التفسير" رقم (٤٦٧٠).