للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقد ورد هذا الحديث من وجه آخر بزيادة فيه، فأخرج أحمد، وأبو داود، واختاره الضياء، من طريق أشعث بن عبد الرحمن الجرّميّ، عن أبيه، عن سمرة بن جندب: "أن رجلًا قال: يا رسول الله، رأيت كأن دلوًا دُلِّي من السماء، فجاء أبو بكر، فأخذ بعراقَيها، فشرب شربًا ضعيفًا، ثم جاء عمر، فأخذ بعِراقَيها، فشرب حتى تضلَّع، ثم جاء عثمان، فأخذ بعراقَيها، فشرب حتى تضلَّع، ثم جاء عليّ، فأخذ بعراقيها، فانتُشِطَت، وانتضح عليه منها شيء".

وهذا يبيَّن أن المراد بالنزع الضعيف، والنزع القوي: الفتوح والغنائم.

وقوله: "دُلِّيَ" بضم المهملة، وتشديد اللام؛ أي: أُرسل إلى أسفل.

وقوله: "بعِراقيها" بكسر المهملة، وفتح القاف، والعراقان: خشبتان تُجعلان على فم الدلو، متخالفتان لربط الدلو.

وقوله: "تضلع" بالضاد المعجمة؛ أي: ملأ أضلاعه، كناية عن الشبع.

وقوله: "انتُشِطَت"، بضم المثناة، وكسر المعجمة، بعدها طاء مهملة؛ أي: نُزِعت منه، فاضطربت، وسقط بعض ما فيها، أو كله.

قال ابن العربيّ: حديث سمرة يعارض حديث ابن عمر، أو هما خبران.

قال الحافظ: الثاني هو المعتمَد، فحديث ابن عمر مصرِّح بأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هو الرائي، وحديث سمرة فيه أن رجلًا أخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه رأى.

وقد أخرج أحمد من حديث أبي الطفيل شاهدًا لحديث ابن عمر، وزاد فيه: "فوَرَدت عليّ غنم سُودٌ، وغنم عُفْرٌ -وقال فيه-: فأوَّلت السُّود العرب، والعُفْر العجم".

وفي قصة عمر: "فملأ الحوض، وأروى الواردة".

ومن المغايرة بينهما أيضًا أن في حديث ابن عمر: "نزع الماء من البئر"، وحديث سمرة فيه نزول الماء من السماء، فهما قصّتان تشد إحداهما الأخرى، وكأن قصة حديث سمرة سابقة، فنزل الماء من السماء، وهي خزانته، فأُسكِن في الأرض كما يقتضيه حديث سمرة، ثم أخرج منها بالدلو، كما دلّ عليه حديث ابن عمر.

وفي حديث سمرة إشارة إلى نزول النصر من السماء على الخلفاء، وفي