للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والفاعل والمفعول، وهو الضمير الذي يرجع إلى شُرب اللبن الذي يدل عليه قوله: "فشربت".

[فإن قلت]: ما الفاء في قوله: "فما أولته"؟.

[أجيب]: بأنها زائدة، كما في قوله تعالى: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ}، قاله العينيّ رحمه الله (١).

وقوله أيضًا: (فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ)؛ أي: فما عبَّرته، والتأويل في اللغة تفسير ما يؤول إليه الشيء، وههنا المراد به تعبير الرؤيا.

وقال في "الفتح": قوله: "قالوا: فما أولته؟ " في رواية صالح: "فقال مَن حَوْلَهُ"، وفي رواية سفيان بن عيينة، عن الزهريّ، عند سعيد بن منصور: "ثم ناول فَضْله عمر، قال: ما أوّلته؟ " وظاهره أن السائل عمر، ووقع في رواية أبي بكر بن سالم: أنه -صلى الله عليه وسلم- "قال لهم: أوِّلوها، قالوا: يا نبي الله هذا علمٌ، أعطاكه الله، فملأك منه، ففضلت فضلة، فأعطيتها عمر، قال: أصبتم"، ويُجمع بأن هذا وقع أوّلًا، ثم احتَمَلَ عندهم أن يكون عنده في تأويلها زيادة على ذلك، فقالوا: ما أوَّلته؟ … إلخ. انتهى (٢).

(قَالَ: "الْعِلْمَ") بالنصب، والرفع روايتان، أما وجه النصب فعلى المفعولية، والتقدير: أوَّلته العلمَ، وأما وجه الرفع فعلى أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: المؤول به العلمُ.

وتفسير اللبن بالعلم؛ لكونهما مشتركين في كثرة النفع بهما، وفي أنهما سببا الصلاح، فاللبن غذاء الناس، وسبب صلاحهم وقوة أبدانهم، والعلم سبب الصلاح في الدنيا والآخرة، وغذاء الأرواح (٣).

وقال المهلّب -رضي الله عنه-: اللبن يدلّ على الفطرة، والسُّنَّة، والقرآن، والعلم.

قال الحافظ رحمه الله: وقد جاء في بعض الأحاديث المرفوعة تأويله بالفطرة، كما أخرجه البزار من حديث أبي هريرة، رَفَعه: "اللبن في المنام فطرة"، وعند


(١) "عمدة القاري" ٢/ ٨٦.
(٢) "الفتح" ١٦/ ٣٤٦، كتاب "التعبير" رقم (٧٠٠٦).
(٣) "عمدة القاري" ٢/ ٨٧.