للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[فإن قلت]: "يخرج من أظفاري" ظاهرٌ، فما معنى قوله: "يخرج في أظفاري"؟.

[أجيب]: بأنه يجوز أن تكون "في" ههنا بمعنى: "على"؛ أي: على أظفاري، كما في قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} الآية [طه: ٧١]؛ أي: عليها، ويكون بمعنى: يظهر عليها، والظفر إما منشأ الخروج، أو ظرفه، قاله العينيّ رحمه الله (١).

وقال في "الفتح": قوله: "حتى أنظر إلى الرِّيِّ": في رواية عَبْدان: "حتى أني"، ويجوز فتح همزة أني، وكسرها، ورؤية الرِّيّ على سبيل الاستعارة، كأنه لمّا جعل الرّيّ جسمًا أضاف إليه ما هو من خواص الجسم، وهو كونه مرئيًّا، وأما قوله: "أنظر" فإنما أتي به بصيغة المضارع، والأصل أنه ماض استحضارًا لصورة الحال، وقوله: "أنظر" يؤيد أن قوله: "أرى" في الرواية التي في العلم من رؤية البصر، لا من العلم، والرّيّ بكسر الراء، ويجوز فتحها. انتهى (٢).

وقال في "الفتح" أيضًا في موضع آخر: قوله: "حتى إني لأرى الرِّيَّ يخرج في أظافيري": في رواية الكشميهنيّ: "من أظافيري"، وفي رواية صالح بن كيسان: "من أطرافي"، وهذه الرؤيا يَحْتَمِل أن تكون بصريّة، وهو الظاهر، ويَحْتَمِل أن تكون عِلمية، ويؤيد الأول ما عند الحاكم، والطبرانيّ، من طريق أبي بكر بن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن جدّه، في هذا الحديث: "فشرِبت، حتى رأيته يجري في عُروقي بين الجلد واللحم"، على أنه مُحتمل أيضًا. انتهى (٣).

(ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي)؛ أي: ما فَضَل من اللبن الذي هو في القدح الذي شربت منه، (عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ")، وفي رواية: "ففَضِلت فضلةٌ، فأعطيتها عمر". (قَالُوا)؛ أي: الصحابة الحاضرون مجلسه -صلى الله عليه وسلم- حين حدّث بهذه الرؤيا، (فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟) كلمة "ما" استفهامية، و"أوّلته" جملة من الفعل


(١) "عمدة القاري" ٢/ ٨٦.
(٢) "الفتح" ٨/ ٣٧٨ - ٣٧٩، كتاب "فضائل الصحابة" رقم (٣٦٨١).
(٣) "الفتح" ١٦/ ٣٤٦، كتاب "التعبير" رقم (٧٠٠٦).