للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جاء فلان، والذي جاء في الحديث هو الفصيح، فلذلك اختاره الأصمعيّ -رحمه الله-.

وقوله (أَنَا) مبتدأ، و (نَائِمٌ) خبره، (رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ)؛ أي: يُظهرون لي، يقال: عَرَضَ الشيءَ: إذا أبداه، وأظهره، وفي "العباب": عَرَض له أمرُ كذا يَعْرِض بالكسر؛ أي: ظهر، وعرضت عليه أمرَ كذا، وعرضت له الشيء؛ أي: أظهرته له، وأبرزته إليه. انتهى (١).

فقوله: "رأيت الناس" جواب "بينا"، من الرؤية، بمعنى الإبصار، فيقتضي مفعولًا واحدًا، وهو قوله: "الناسَ"، فعلى هذا يكون قوله: "يُعرضون عليّ" جملة حالية، ويجوز أن يكون من الرؤيا، بمعنى العلم، فيقتضي حينئذ مفعولين، وهما قوله: "الناس يعرضون عليّ"، ويجوز رفع الناسُ على أنه مبتدأ، وخبره قوله: "يعرضون عليّ"، والجملة مفعول قوله: رأيت، كما في قول الشاعر [من الوافر]:

رَأَيْتُ النَّاسَ يَنْتَجِعُونَ غَيْثًا … فَقُلْتُ لِصَيْدَحَ انْتَجِعِي بِلَالَا

ويروى: "سمعت الناس" (٢).

قال ابن أبي جمرة -رحمه الله- ما ملخصه: المراد بالناس في هذا الحديث المؤمنون؛ لتأويله القميص بالدِّين، قال: والذي يظهر أن المراد خصوص هذه الأمة المحمديّة، بل بعضها، والمراد بالدِّين: العمل بمقتضاه؛ كالحرص على امتثال الأوامر، واجتناب المناهي، وكان لعمر -رضي الله عنه- في ذلك المقام العالي. انتهى (٣).

(وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ) جملة حاليّة، والقمص بضم القاف والميم: جَمْع قميص، نحو رَغِيف ورُغُف، ويُجمع أيضًا على قُمصان، وأقمصة؛ كرُغفان


(١) "عمدة القاري" ١/ ١٧٣.
(٢) القائل هو: ذو الرمة الشاعر المشهور، وصيدح عَلَم الناقة، وينتجعون، من انتجعت فلانًا: إذا أتيته تطلب معروفه، وأراد ببلال: بلال بن أبي بُردة بن أبي موسى الأشعريّ قاضي البصرة، كان جوادًا ممدوحًا -رحمه الله-. قاله في "عمدة القاري" ١/ ١٧٣.
(٣) "الْفَتْح" ١٤/ ٤٢٨.