قال: وفي الصحابة نحو من مائة وعشرين نفسًا مقلّون في الفتيا جدًّا، لا تروى عن الواحد منهم إلا المسألة، والمسألتان، والثلاث؛ كأُبيّ بن كعب، وأبي الدرداء، وأبي طلحة، والمقداد، وسرد الباقين مما في بعضه نظر.
قال: ويمكن أن يُجمع من فتيا جميعهم بعد البحث جزء صغير، ذكره
السخاويّ -رحمه الله- (١).
(المسألة الخامسة): في بيان من يُطلق عليه العبادلة منهم دون سائر من اسمه عبد الله:
هم: ابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، وابن عمرو بن العاص، فهؤلاء الأربعة هم الذي اشتهروا بالعبادلة، فيما قاله الإمام أحمد، وليس منهم ابن مسعود، وإن جعله الثعلبيّ في "تفسيره" خامسًا لهم، وكذا هو في "شرح الكفاية" لابن الحاجب؛ لأنه كما قال البيهقيّ تقدَّم موته، والآخرون عاشوا، حتى احتيج إلى علمهم، فكانوا إذا اجتمعوا على شيء قيل: هذا قول العبادلة، قال ابن الصلاح: ولا مَن شاكل ابن مسعود في التسمية بعبد الله، وهم نحو مائتين وعشرين نفسًا، أو نحو ثلاثمائة فيما قاله العراقيّ، قال السخاويّ: بل يزيدون على ذلك بكثير، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: قال عليّ ابن المديني -رحمه الله-: انتهى علم أصحاب رسول الله من الأحكام إلى ثلاثة، ممن أُخذ منهم العلم، فذكر ابن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس -رضي الله عنهم-.
وقال مسروق: انتهى العلم إلى ستة: زيد بن ثابت، وأبي الدرداء، وأُبيّ بن كعب، وعمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهم-، ثم انتهى علم هؤلاء الستة إلى عليّ وابن مسعود.
وعن الشعبيّ: كان العلم يؤخذ عن ستة من الصحابة، وذَكَرهم، ثم قال: وكان عمر وابن مسعود وزيد يُشْبه علم بعضهم بعضًا، وكان يقتبس بعضهم من بعض، وكان عليّ، والأشعريّ، وأُبَيّ يُشبه علم بعضهم بعضًا، وكان يقتبس بعضهم من بعض، والله تعالى أعلم.