للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هذه عن سعيد بن جبير، وهي قوله في صفة أهل القرية: "أتيا أهل القرية لئامًا، فطافا في المجالس"، فأنكرها، وقال: هي مُدرَجة في الخبر، فقد يقال: وهذه الزيادة مدرجة فيه أيضًا، والمحفوظ رواية ابن عيينة المذكورة (١)، والله أعلم.

(فَانْطَلَقَا)؛ أي: موسى والخضر، (حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ) هي: أنطاكية، وقيل غيرها، والأول أصحّ، وقال في "الفتح": قيل: هي الأُبُلّة، وقيل: أنطاكية، وقيل: أذربيجان، وقيل: بَرْقة، وقيل: ناصرة، وقيل: جزيرة الأندلس، قال الحافظ: وهذا الاختلاف قريب من الاختلاف في المراد بمجمع البحرين، وشدة المباينة في ذلك تقتضي أن لا يوثق بشيء من ذلك. انتهى (٢).

(لِئَامًا)، وفي نسخة: "لئامٍ" بالجرّ صفة لقرية، و"اللئام": جمع لئيم، وهو: الشحيح، يقال: لؤُم بضمّ الهمزة؛ ككرُم لُؤْمًا، فهو لئيم، يقال ذلك للشحيح، والدَّنِيء النفس، والمَهين، ونحوهم؛ لأن اللؤم: ضدّ الكرم (٣). (فَطَافَا فِي الْمَجَالِسِ)؛ أي: مجالس أهل تلك القرية، (فَاسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا)؛ أي: طلبا منهم أن يأتوهم بالطعام.

فقوله: "استطعما أهلها" جواب "إذا"، وفي تكرير "أهلها" وجهان:

أحدهما: أنه توكيد من باب إقامة الظاهر مقام المُضمَر، والحكمة في ذلك أنه لو قال: استطعماها لم يصحّ؛ لأنهما لم يستطعما القرية، أو استطعماهم فكذلك؛ لأن جملة "استطعما أهلها" صفة لقرية.

والثاني: أنه للتأسيس، وذلك أن الأهل المأتيين ليسوا جميع الأهل، وإنما هم البعض؛ إذ لا يمكن أن يأتيا جميع الأهل في العادة في وقت واحد، فلما ذَكَر الاستطعام ذَكَره بالنسبة إلى جميع الأهل، كأنهما تتبّعا الأهل واحدًا واحدًا، فلو قيل: استطعماهم لاحتمل أن يعود الضمير على ذلك البعض المأتيّ دون غيره، فكُرّر الأهل لذلك (٤).

(فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا)؛ أي: امتنعوا عن ضيافتهما، (فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا)


(١) يعني قوله: "يرحم الله موسى لوددنا لو صبر".
(٢) "الفتح" ١٠/ ٣٣٣.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٥٦١.
(٤) "حاشية الجمل على الجلالين" ٣/ ٣٨.