للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الباقون، فمن قرأ "زاكية" فهو اسم فاعل على أصله، ومن قرأ "زكيّةً" فقد أخرجه إلى فَعِيلة للمبالغة. انتهى (١).

(بِغَيْرِ نَفْسٍ)؛ أي: بلا قتل نفس معصومة؛ يعني: أنك قتلته ظلمًا، وليس قصاصًا لقتله نفسًا معصومةً. (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا") قرأ نافع وأبو بكر، وابن ذكوان بضمّتين، والباقون بضمّة، فسكون، وهما لغتان، أو أحدهم أصل، و"شيئًا" يجوز أن يراد به المصدر؛ أي: مجيئًا نُكرًا، وأن يراد به المفعول به؛ أي: جئت أمرًا منكرًا، وهل النُّكر أبلغ من الإمر، أو بالعكس؟ فقيل: الإمر أبلغ؛ لأن قَتْل أنفس بسبب الخرق أعظم من قَتْل نفس واحدة، وقيل: بل النكر أبلغ -وهذا هو الصحيح-؛ لأن معه القتل الحتم، بخلاف خرق السفينة، فإنه يمكن تداركه، ولذلك قال: "ألم أقل لك"، ولم يأت بـ "لك" مع "إمرًا" (٢).

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ هَذَا الْمَكَانِ: "رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْنَا، وَعَلَى مُوسَى) قال النوويّ -رحمه الله-: قال أصحابنا: فيه استحباب ابتداء الإنسان بنفسه في الدعاء، وشِبْهه من أمور الآخرة، وأما حظوظ الدنيا فالأدب فيها الإيثار، وتقديم غيره على نفسه، واختَلَف العلماء في الابتداء في عنوان الكتاب، فالصحيح الذي قاله كثيرون من السلف، وجاء به الصحيح أنه يبدأ بنفسه، فيقدِّمها على المكتوب إليه، فيقال: من فلان إلى فلان، ومنه حديث كتاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم"، وقالت طائفة: يبدأ بالمكتوب إليه، فيقول: إلى فلان من فلان، قالوا: إلا أن يكتب الأمير إلى من دونه، أو السيد إلى عبده، أو الوالد إلى ولده، ونحو هذا. انتهى (٣).

(لَوْلَا أَنَّهُ عَجَّلَ) يَحْتمل أن يكون بفتح العين، وكسر الجيم مخفّفةً، أو بتشديدها مفتوحة، يقال: عَجِل، كفَرِحَ، وعجّل تعجيلًا بالتشديد، وتعجّل: إذا أسرع. (لَرَأَى الْعَجَبَ)؛ أي: ما يُتعجّب منه، (وَلَكِنَّهُ أَخَذَتْهُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَمَامَةٌ) بفتح الذال المعجمة؛ أي: استحياء؛ لتكرار مخالفته، وقيل: ملامة، والأول هو المشهور.


(١) "الدرّ المصون" ٧/ ٥٢٨.
(٢) "الدرّ المصون" ٧/ ٥٣٠.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٤٤.