للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا)، وفي رواية: "فخرَقها، ووَتَّد فيها" بفتح الواو، وتشديد المثناة؛ أي: جعل فيها وَتَدًا، وفي رواية: "فلما ركبوا في السفينة، لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحًا من ألواح السفينة بالقدوم"، ويُجمع بين الروايتين أنه قلع اللوح وجعل مكانه وتدًا، وفي رواية: "فخرق السفينة، فلم يره أحد إلا موسى، ولو رآه القوم لحالوا بينه وبين ذلك".

(قَالَ: انْتَحَى عَلَيْهَا)؛ أي: اعتمد على السفينة، وقصد خرقها، واستَدَلّ به العلماء على النظر في المصالح عند تعارض الأمور، وأنه إذا تعارضت مفسدتان، دُفع أعظمهما بارتكاب أخفّهما، كما خَرَق السفينة لِدَفْع غَصْبها، وذهاب جملتها (١).

(قَالَ لَهُ)؛ أي: للخضر، (مُوسَى عليه السلام: أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا)؛ أي: منكرًا، أو عَجَبًا، أو عظيمًا، وفي رواية عند ابن أبي حاتم: "أن موسى لما رأى ذلك امتلأ غضبًا، وشدّ ثيابه، وقال: أردت إهلاكهم، ستعلم أنك أول هالك، فقال له يوشع: ألا تذكر العهد؟ فأقبل عليه الخضر، فقال: ألم أقل لك؟ فأدرك موسى الحلم، فقال: لا تؤاخذني، وأن الخضر لمّا خلصوا قال لصاحب السفينة: إنما أردت الخير، فحمدوا رأيه، وأصلحها الله على يده".

[تنبيه]: قال الزمخشريّ: فإن قلت: لم قيل: "حتى إذا ركبا في السفينة خرقها" بغير فاء، و"حتى إذا لقيا غلامًا فقتله" بالفاء؟.

قلت: جعل "خرقها" جزاء الشرط، وجعل "قتله" من جملة الشرط معطوفًا عليه، والجزاءُ: "قال: أقتلت".

فإن قلت: لِمَ خُولف بينهما؟.

قلت: لأن الخرق لم يتعقّب الركوب، وقد تعقّب القتل لقاء الغلام. انتهى (٢).

(قَالَ) الخضر (أَلَمْ أَقُلْ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ قَالَ) موسى (لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ) زاد في رواية: "كانت الأُولى: نسيانًا، والوسطى: شرطًا،


(١) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٤٣ - ١٤٤.
(٢) "الدرّ المصون" ٧/ ٥٢٩.