إلى السماء السادسة، فمات بها، وهكذا قال الضحاك بن مزاحم، وقال الحسن وغيره في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)} [مريم: ٥٧] قال: الجنة. انتهى ما ذكره ابن كثير - رَحِمَهُ اللهُ -.
وقال في "الفتح": واستَشْكَل بعضهم قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)} بأن غيره من الأنبياء أرفع مكانًا منه! ثم أجاب بأن المراد أنه لم يُرْفَع إلى السماء مَن هو حي غيره.
وفيه نظر؛ لأن عيسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أيضًا قد رُفع وهو حي على الصحيح، وكون إدريس رُفع وهو حي لم يثبت من طريق مرفوعة قويّة، ثم أورد أثر كعب الذي سبق من رواية الطبريّ، ثم قال: وهذا من الإسرائيليات، والله أعلم بصحته (١).
قال الجامع عفا الله عنه: هذه الآثار كلّها لا تستند إلى دليل مرفوع صحيح، فليست حجة مقنعة، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
(ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَة، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟) وفي نسخة: "فقيل: من هذا؟ "(قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم -، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْه، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أنا بِهَارُونَ - صلى الله عليه وسلم -، فَرَحَّبَ) وفي نسخة: "فرحّب بي"(وَدَعَا لِي بِخَيْر، ثمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَة، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْه، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى - صلى الله عليه وسلم -، فَرَحَّبَ، وَدَعَا لِي بِخَيْر، ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَة، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، قِيل) وفي نسخة: "قال"، (وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْه، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم -) حال كونه، (مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) أي: الذي تعمُره الملائكة بالعبادة، قال القاضي عياضٌ - رَحِمَهُ اللهُ -: يُستَدَلّ به على جواز الاستناد إلى القبلة، وتحويل الظهر إليها. انتهى. (وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ) أي: للعبادة فيه، (لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ) أي: لكثرتهم، فلا يستطيعون العودة إليه مرّة
(١) راجع: "الفتح" ٦/ ٤٣٢ - ٤٣٣ "كتاب أحاديث الأنبياء" رقم الحديث (٣٣٤٣).