للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال المجد -رَحِمَهُ اللهُ-: القاع: أرض سهلةٌ مُطْمَئِنَّةٌ، قد انفرجت عنها الجبال، والآكام، جمعه: قِيعٌ، وقِيعَةٌ، وقِيعانٌ، بكسرهنّ، وأقواعٌ، وأَقْوُعٌ. انتهى (١).

(لَا تُمْسِكُ مَاءً، وَلَا تُنْبِتُ كَلأً) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- عند قوله: "وأصاب طائفة أخرى" ما نصّه: هذا مَثَل للطائفة الثالثة التي بلغها الشرع، فلم تؤمن، ولم تقبل، وشبّهها بالقيعان السَّبخة التي لا تقبل الماء في نفسها، وتفسده على غيرها، فلا يكون منها إنبات، ولا يحصل بما حصل فيها نفع، و"القيعان": جمع قاع، وهو ما انخفض من الأرض، وهو الْمُسْتَنْقَع أيضًا، وهذا يعم ما يفسد فيه الماء، وما لا يفسد، لكن مقصود الحديث: ما يفسد فيه الماء. انتهى (٢).

(فَذَلِكَ) الفاء فيه تفصيلية، و"ذلك" إشارة إلى ما ذكر من الأقسام الثلاثة، وهو في محل الرفع على الابتداء، وخبره قوله: (مَثَلُ مَنْ فَقُهَ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: رُوي هنا بالوجهين: بالضم، والكسر، والضم أشهر، وقال في "العمدة": الفقه: الفهم، يقال: فَقِه بكسر القاف، كفَرِح يَفْرَح، وأما الفقه الشرعيّ، فقالوا: يقال منه: فَقُه بضم القاف، وقال ابن دُريد: بكسرها، والمراد به ههنا هو الثاني، فتضم القاف على المشهور، وعلى قول ابن دريد تُكسر. انتهى (٣).

(فِي دِينِ اللهِ) متعلّق بـ "فقه"، (وَنَفَعَهُ اللهُ بِمَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ) هكذا في النسخة الهنديّة، فيكون ذِكْر لفظ الجلالة ثانيًا من باب الإظهار في مقام الإضمار للتلذّذ، ووقع في معظم النسخ، ووقع في بعض النسخ: "ونفعه بما بعثني الله به"، ولفظ البخاريّ: "ونفعه ما بعثني الله به"، وهي واضحة، فـ "ما" موصولة فاعل "نفعه"، وعلى ما في معظم النسخ فيكون "نفع"، و"بعث" تنازعا لفظ الجلالة، أو الباء زائدة في الفاعل، كما في قوله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: ٦]، و"ما" هي الفاعل. (فَعَلِمَ) بفتح العين، وكسر اللام ثلاثيًّا؛ أي: صار عالِمًا لنفسه، (وَعَلَّمَ) بفتح العين، وتشديد اللام؛ أي: علّم غيره، قال القرطبيّ: هذا مثال الطائفة الأُولى. (وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ) بالبناء للفاعل،


(١) "القاموس المحيط" ص ١١٠٤.
(٢) "المفهم" ٦/ ٨٤.
(٣) "عمدة القاري" ٢/ ٧٨.