للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولاة الأمور بإنكار المنكر، وإشاعة إزالته، وتوبيخ من أهمل إنكاره، ممن توجه ذلك عليه. انتهى (١).

وقال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "أين علماؤكم؟ " قيل: استعانة بهم على التعريف بهذا المنكر وتغييره، والإنكار عليهم إن كانوا لم ينكروه، وهذا أظهرُ بقصده على مساق كلامه. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ " فيه إشارة إلى قلة العلماء يومئذ بالمدينة، ويَحْتَمِل أنه أراد بذلك: إحضارهم ليستعين بهم على ما أراد من إنكار ذلك، أو لينكِر عليهم سكوتهم عن إنكارهم هذا الفعل قبل ذلك. انتهى (٣).

وقال في "الفتح" في موضع آخر: قوله: "أين علماؤكم؟ " فيه إشارة إلى أن العلماء إذ ذاك فيهم كانوا قد قَلُّوا، وهو كذلك؛ لأن غالب الصحابة كانوا يومئذ قد ماتوا، وكأنه رأى جهال عوامهم صنعوا ذلك، فأراد أن يذكّر علماءهم، وينبههم بما تركوه من إنكار ذلك، ويَحْتَمِل أن يكون ترك من بقي من الصحابة، ومن أكابر التابعين إذ ذاك الإنكار، إما لاعتقاد عدم التحريم، ممن بلغه الخبر، فحَمَله على كراهة التنزيه، أو كان يخشى من سطوة الأمراء في ذلك الزمان على من يستبد بالإنكار؛ لئلا يُنسب إلى الإعتراض على أولي الأمر، أو كانوا ممن لم يبلغهم الخبر أصلًا، أو بلغ بعضهم لكن لم يتذكروه حتى ذكَّرهم به معاوية، فكل هذه أعذار ممكنة لمن كان موجودًا إذ ذاك من العلماء، وأما من حضر خطبة معاوية، وخاطبهم بقوله: "أين علماؤكم؟ " فلعل ذلك كان في خطبة غير الجمعة، ولم يتفق أن يحضره إلا من ليس من أهل العلم، فقال: "أين علماؤكم؟ "؛ لأن الخطاب بالإنكار لا يتوجه إلا على من عَلِم الحكم، وأقرّه. انتهى (٤).

وتعقّب العينيّ قول الحافظ: "فيه إشارة إلى قلة العلماء … إلخ"، فقال:


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٠٨.
(٢) "إكمال المعلم" ٦/ ٦٥٨.
(٣) "الفتح" ١٣/ ٤٤٩ - ٤٥٠، كتاب "اللباس" رقم (٥٩٣٢).
(٤) "الفتح" ٨/ ١٢٦ - ١٢٧، كتاب "أحاديث الأنبياء" رقم (٣٤٦٨).