للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فإن كان شعرًا نجسًا، وهو شعر الميتة (١)، وشعر ما لا يؤكل إذا انفصل في حياته، فهو حرام أيضًا؛ للحديث، ولأنه حَمَل نجاسة في صلاته، وغيرها، عمدًا، وسواء في هذين النوعين المزوَّجة وغيرها من النساء، والرجال، وأما الشعر الطاهر من غير الآدميّ، فإن لم يكن لها زوج، ولا سيّد فهو حرام أيضًا، وإن كان فثلاثة أوجه: أحدها: لا يجوز؛ لظاهر الأحاديث، والثاني: لا يحرم، وأصحها عندهم إن فعلته بإذن الزوج، أو السيد جاز، وإلا فهو حرام.

قال الجامع عفا الله عنه: بل الأصح هو القول الأول؛ لقوّة حجته، فتأمل بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى وليّ التوفيق.

قالوا: وأما تحمير الوجه، والخضاب بالسواد، وتطريف الأصابع، فإن لم يكن لها زوج، ولا سيد، أو كان وفعلته بغير إذنه فحرام، وإن أَذِن جاز على الصحيح، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا تلخيص كلام أصحابنا في المسألة.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي الصواب ما ذهب إليه الجمهور من تحريم الوصل مطلقًا، سواء كان بشعر، أم بغيره، إلا للضرورة؛ للأحاديث الصحيحة بذلك، كما سبق بيانها، ومنها حديث معاوية - رضي الله عنه - الآتي في قصّة الخرقة، ومنها حديث جابر - رضي الله عنه - الآتي في الباب: "زجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تصل المرأة بشعرها شيئًا"، فـ "شيئًا" نكرة يعمّ الشعر، وغيره. فتأمّل بالإمعان، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: كما يَحْرُم على المرأة الزيادة في شعر رأسها يحرم عليها حلق شعر رأسها بغير ضرورة، وقد أخرج الطبريّ من طريق أم عثمان بنت سفيان، عن ابن عباس قال: "نَهَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن تحلق المرأة رأسها"، وهو عند أبي داود من هذا الوجه، بلفظ: "ليس على النساء حلق، إنما على النساء التقصير"، قاله في "الفتح" (٢).


(١) كون شعر الميتة نجسًا هو مذهب النوويّ، وقد قدّمنا في "كتاب الطهارة" أن الصحيح من أقوال العلماء طهارة شعر الميتة، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
(٢) "الفتح" ١٣/ ٤٥٠، كتاب "اللباس" رقم (٥٩٣٥).