للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الشعر بالشعر، وقالت: إن المراد بالواصل المرأة تفجُر في شبابها، ثم تَصِل ذلك بالقيادة، وقد رَدّ ذلك الطبريّ، وأبطله بما جاء عن عائشة - رضي الله عنها - في قصة المرأة المذكورة في حديثها الآتي، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في وصل الشعر:

ذهب الجمهور إلى تحريم الوصل مطلقًا، قال في "الفتح": وهذا الحديث حجة للجمهور في منع وَصْل الشعر بشيء آخر، سواء كان شعرًا أم لا، ويؤيده حديث جابر: - رضي الله عنه - زجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أن تصل المرأة بشعرها شيئًا، أخرجه مسلم.

وذهب الليث، ونقله أبو عبيدة عن كثير من الفقهاء، أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر، وأما إذا وصلت شعرها بغير الشعر، من خرقة وغيرها، فلا يدخل في النهي، وأخرج أبو داود بسند صحيح، عن سعيد بن جبير، قال: لا بأس بالقرامل، وبه قال أحمد، و"القرامل": جمع قَرْمل - بفتح القاف، وسكون الراء -: نبات طويل الفروع، ليّن، والمراد به هنا خيوط من حرير، أو صوف يُعمل ضفائر تصل به المرأة شعرها.

وفصل بعضهم بين ما إذا كان ما وُصل به الشعر، من غير الشعر مستورًا، بعد عَقْده مع الشعر، بحيث يُظَنّ أنه من الشعر، وبين ما إذا كان ظاهرًا، فمَنَع الأول قوم فقط؛ لِمَا فيه من التدليس، وهو قويّ.

ومنهم من أجاز الوصل مطلقًا، سواء كان بشعر آخر، أو بغير شعر، إذا كان بعلم الزوج، ولمجاذنه، وأحاديث الباب حجة عليه. انتهى (١).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذه الأحاديث صريحة في تحريم الوصل، ولعن الواصلة، والمستوصلة مطلقًا، وهذا هو الظاهر المختار، وقد فصّله أصحابنا - يعني: الشافعيّةَ - فقالوا: إن وصلت شعرها بشعر آدميّ فهو حرام، بلا خلاف، سواء كان شعر رجل، أو امرأة، وسواء شعر المَحْرم والزوج وغيرهما، بلا خلاف؛ لعموم الأحاديث، ولأنه يَحْرُم الانتفاع بشعر الآدميّ، وسائر أجزائه؛ لكرامته، بل يُدْفَن شعره، وظفره، وسائر أجزائه، وإن وَصَلَتْه بشعر غير آدميّ،


(١) "الفتح" ١٣/ ٤٥٠، كتاب "اللباس" رقم (٥٩٣٥).