للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(أُنَبِّئُكَ) بضمّ أوله، وتشديد الموحّدة، من التنبيء، أو بتخفيفها من الإنباء، وهو الإخبار، (بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) ثم شَرَح له ذلك المسموع، فقال: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "كُلُّ مُصَوِّرٍ) بكسر الواو المشدّدة، (فِي النَّارِ) قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: مَحْمَلُه على مصوِّري ذوات الأرواح، بدليل قوله: "يقال لهم: أحيوا ما خلقتم". انتهى (١).

وقال الخظابيّ رَحِمَهُ اللهُ: المصوّر هو الذي يصوّر أشكال الحيوان، فيَحكيها بتخطيط لها، وتشكيل، فأما النقّاش الذي ينقش أشكال الشجر، ويعمل التداوير، والخواتيم، ونحوها، فإني أرجو أن لا يدخل في هذا الوعيد، وإن كان جملة هذا الباب مكروهًا، وداخلًا فيما يُلهي، ويَشغل بما لا يَعني، وإنما عظُمت العقوبة في الصورة؛ لأنها تُعبد من دون الله، فالنظر إليها يَفتن، وبعض النفوس نحوها تَنْزِع. انتهى (٢).

(يَجْعَلُ لَهُ) بالبناء للفاعل، قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: "يَجعل له" بفتح الياء، من "يَجْعَل"، والفاعل هو الله تعالى، أُضمر للعِلم به، (بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا) منصوب على أنه مفعول به لـ "يَجْعَلُ".

واستشكل الطيبيّ نَصْب "نفسًا وعبارته: قوله: "نفسًا" كذا في "جامع الأصول"، وأكثر نُسخ "المصابيح"، وهو مشكلٌ؛ لاستناد الفعل إلى الجارّ مع مجروره مع وجود المفعول به، وفي بعضها "نفسٌ" بالرفع، وهو الظاهر. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: منشأ استشكال الطيبيّ جعل "يَجعل" مبنيًّا للمفعول، والأَولى ما تقدّم عن النوويّ من جَعْله مبنيًّا للفاعل، والفاعل ضمير الله تعالى، ولا سيّما أن الظاهر أن الرواية عليه، فيكون نَصْب "نفسًا" على المفعوليّة، فلا إشكال، والله تعالى أعلم.

(فَتُعَذِّبُهُ) تلك النفس (فِي جَهَنَّمَ") قال القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ: يَحْتَمِل أن


(١) "المفهم" ٥/ ٤٣٢.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٩/ ٢٩٤٨.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٩/ ٢٩٤٨.