للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ووجه التوفيق: أن الناس الذين أضيف إليهم: "أشدّ" لا يراد بهم كل نوع الناس، بل بعضهم المشاركون في ذلك المعنى المتوعَّد عليه بالعذاب، ففرعون أشدّ الناس المدَّعين للإلهية عذابًا، ومن يقتدي به في ضلالة كفره أشدّ ممن يقتدي به في ضلالة بدعة، ومن صوَّر صُوَر ذات الأرواح أشدّ عذابًا ممن يصوِّر ما ليس بذي روح، إن تنزَّلنا على قول من رأى تحريم تصوير ما ليس بذي روح، وهو مجاهد، وإن لم نتنزل عليه، فيجوز أن يعني بالمصورين: الذين يصوِّرون الأصنام للعبادة، كما كانت الجاهلية تفعل، وكما تفعل النصارى، فإنَّ عذابهم يكون أشدّ ممن يصوِّرها لا للعبادة، وهكذا يُعتبر هذا الباب، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قد استُشكل كون المصور أشدّ الناس عذابًا مع قوله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}، فإنه يقتضي أن يكون المصور أشدّ عذابًا من آل فرعون، وأجاب الطبريّ بأن المراد هنا من يُصَوِّر ما يُعْبَد من دون الله، وهو عارف بذلك، قاصدًا له، فإنه يكفر بذلك، فلا يبعد أن يدخل مَدخل آل فرعون، وأما من لا يقصد ذلك فإنه يكون عاصيًا بتصويره فقط، وأجاب غيره بأن الرواية بإثبات "مِنْ" ثابتة، وبحذفها محمولة عليها (٢)، وقد تقدّم البحث في هذا مستوفًى، فلا تغفل، والله تعالى وليّ التوفيق.

وقوله: (وَلَمْ يَذْكُرِ الأَشَجُّ)؛ يعني: أن شيخه الثاني لم يذكر في سياق حديثه لفظة ("إِنَّ") بل قال: "أشدّ الناس … إلخ"، والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٢٥/ ٥٥٢٥ و ٥٥٢٦ و ٥٥٢٧] (٢١٠٩)، و (البخاريّ) في "اللباس" (٥٩٥٠)، و (النسائيّ) في "الزينة" (٨/ ٢١٦) و"الكبرى" (٥/ ٥٠٤)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (٥/ ٢٠٠)، و (الحميديّ)


(١) "المفهم" ٥/ ٤٣٠ - ٤٣١.
(٢) "الفتح" ١٠/ ٣٧٣.