للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أهل اللغة، وقال أبو زيد: هي بفتح الباء، قال ثعلب: لا أعرف البَدَاوة بالفتح إلَّا عن أبي زيد (١).

وقوله: (الْعَاقِلُ) بالرفع صفة و"الرجل"، وإنما أحبّوا كونه عاقلًا؛ ليكون أعرف بكيفيّة السؤال وآدابه، والمهمّ منه، وحسن المراجعة، فإن هذه من أسباب عِظَمِ الانتفاع بالجواب، ولأن أهل البادية هم الأعراب، وَيغْلِبُ فيهم الجهل والجفاء، ولهذا جاء في الحديث: "مَنْ بَدَا جَفَا" (٢).

(فَيَسْأَلَهُ) بالنصب عطفًا على "يجيئ " (وَنَحْنُ نَسْمَعُ) جملة حالية من الفاعل، والرابط الواو، كما قال في "الخلاصة":

وَجُمْلَةُ الْحَالِ سِوَى مَا قُدِّمَا … بِوَاوٍ ضمَرٍ أَوْ بِهِمَا

(فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ) هو ضِكمَام - بكسر الضاد المعجمة، وتخفيف الميم - ابن ثعلبة، أخو بني سعد بن بكر، كما بيّنته رواية البخاريّ، قَدِم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع، قاله أبو عُبيدة، ورجحه القرطبيّ، وقيل: سنة سبع، وقال محمد بن حبيب: سنة خمس، وهو أبعدها: لأن فرض الحجِّ لم يكن نزل إذ ذاك.

وعبارة القرطبيّ: وأولى ما يقال: إن ضمامًا قَدِمَ على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع، كما قال أبو عبيدة وغيره من أهل التواريخ، ولأنها كانت سنة الوفود، وذلك أن الله تعالى لَمّا فَتَح على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة، وهَزَمَ جمعَ هَوَازن، وأسلمت قريش كلُّها، دوّخ العرب، ونَصرَ نبيّه - صلى الله عليه وسلم -، وذلك سنة ثمان من الهجرة، فدخل الناس في دين الله أفواجًا، وقَدِم رؤساء العرب وفودًا على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع، فسُمّيت سنة الوفود لذلك. انتهى (٣).


(١) "شرح النوويّ " ١/ ١٦٩.
(٢) حديث صحيح، أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (٨٤٨١) بسند حسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من بَدَا جَفَا، ومن اتبع الصيد غَفَل، ومن أتى أبواب السلطان افْتُتِن، وما ازداد عبد من السلطان قربًا إلَّا ازداد من الله بُعدًا".
(٣) "المفهم" ١/ ١٦٥.