دينار، عن سالم بن عبد الله، قال: كانوا لا يرون بما يوطأ من التصاوير بأسًا.
قال أبو عمر: هذا أعدل المذاهب، وأوسطها في هذا الباب، وعليه أكثر العلماء، ومن حَمَلَ عليه الآثار، لم تتعارض على هذا التأويل، وهو أَولى ما اعتقد فيه، والله الموفق للصواب.
وقد ذهب قوم إلى أن ما قُطع رأسه فليس بصورة، رَوَى أبو داود الطيالسيّ، قال: حدّثنا ابن أبي ذئب، عن شعبة، مولى ابن عباس، قال: دخل المسور بن مخرمة، على ابن عباس، وهو مريض، وعليه ثوب إستبرق، وبين يديه ثوب، عليه تصاوير، فقال المسور: ما هذا يا ابن عباس؟ فقال ابن عباس: ما علمت به، وما أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن هذا، إلا للكِبْر والتجبر، ولسنا بحمد الله كذلك، فلما خرج المسور أمر ابن عباس بالثوب، فنُزع عنه، وقال: اقطعوا رؤوس هذه التصاوير.
وروى ابن المبارك، قال: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، قال: حدّثنا مجاهد، قال: حدثنا أبو هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن جبريل أتاني البارحة، فلم يمنعه أن يدخل إليّ، إلا أنه كان في البيت حجال وستر، فيه تماثيل، وكلب، فأمر برأس التمثال أن يُقطع، وبالستر أن يُثنَى، ويُجعل منه وسادتان توطآن، وبالكلب أن يُخرج"(١).
وذكر ابن أبي شيبة، عن ابن علية، عن أيوب، عن عكرمة، قال: إنما الصورة الرأس، فإذا قُطع فلا بأس. وعن يحيى بن سعيد، عن سلمة أبي بشر، عن عكرمة، في قوله:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} الآية [الأحزاب: ٥٧]، قال: أصحاب التصاوير.
وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الصورة المكروهة في صُنعتها واتخاذها، ما كان له روح، وحجتهم حديث القاسم، عن عائشة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"من أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة المصوِّرون، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم"، ففي هذا دليل على أن الحياة، إنما قُصد بذِكرها إلى الحيوان، ذوات الأرواح.
(١) حديث صحيح أخرجه أحمد، والترمذيّ بإسناد صحيح، وقال الترمذي: حديث حسنٌ صحيح.