للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في الوعيد المذكور، على هذا الفعل المخصوص، وقد فَهِمَت ذلك أم سلمة - رضي الله عنها -، فأخرج النسائي، والترمذي، وصححه، من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، متصلًا بحديثه المذكور في الباب الأول: "فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ فقال: يرخين شبرًا، فقالت: إذًا تنكشف أقدامهن، قال: فيرخينه ذراعًا، لا يزدن عليه" لفظ الترمذي، وقد عزا بعضهم هذه الزيادة لمسلم، فَوَهِمَ، فإنها ليست عنده، وكأن مسلمًا أعرض عن هذه الزيادة؛ للاختلاف فيها على نافع، فقد أخرجه أبو داود، والنسائي، وغيرهما، من طريق عبيد الله بن عمر، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، وأخرجه أبو داود، من طريق أبي بكر بن نافع، والنسائي من طريق أيوب بن موسى، ومحمد بن إسحاق، ثلاثتهم عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، عن أم سلمة. وأخرجه النسائيّ، من رواية يحيى بن أبي كثير، عن نافع، عن أم سلمة نفسها، وفيه اختلافات أخرى، ومع ذلك فله شاهد من حديث ابن عمر، أخرجه أبو داود، من رواية أبي الصديق، عن ابن عمر، قال: "رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمهات المؤمنين شبرًا، ثم استزدنه، فزادهن شبرًا، فكن يُرسلن إلينا، فنذرع لهن ذراعًا"، وأفادت هذه الرواية قَدْر الذراع المأذون فيه، وأنه شبران بشبر اليد المعتدلة.

ويستفاد من هذا الفهم التعقبُ على من قال: إن الأحاديث المطلقة في الزجر عن الإسبال، مقيَّدة بالأحاديث الأخرى المصرِّحة بمن فعله خيلاء، قال النووي: ظواهر الأحاديث في تقييدها بالجر خيلاء، يقتضي أن التحريم مختص بالخيلاء.

ووجه التعقب أنه لو كان كذلك، لَمَا كان في استفسار أم سلمة، عن حُكم النساء في جرّ ذيولهن معنى، بل فَهِمَت الزجر عن الإسبال مطلقًا، سواء كان عن مَخِيلة أم لا، فسألت عن حُكم النساء في ذلك؛ لاحتياجهن إلى الإسبال، من أجل ستر العورة؛ لأن جميع قدمها عورة، فبَيَّن لها أن حكمهن في ذلك خارج عن حكم الرجال في هذا المعنى فقط، وقد نقل عياض الإجماع على أن المنع في حق الرجال دون النساء، ومراده مَنْع الإسبال؛ لتقريره - صلى الله عليه وسلم - أم سلمة على فَهْمها، إلا أنه بيَّن لها أنه عام مخصوص؛ لتفرقته في