للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأهل الحجاز ينادُون بها بلفظ واحد للمذكر، والمؤنث، والمفرد، والجمع، وعليه قوله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا}.

وفي لغة نجد تَلحقها الضمائر، وتُطابَقُ، فيقال: هَلُمِّي، وهَلُمَّا، وهَلُمُّوا، وهَلْمُمْنَ؛ لأنهم يجعلونها فعلًا، فيُلحقونها الضمائر، كما يلحقونها قُمْ، وقوما، وقوموا، وقُمْن.

وقال أبو زيد: استعمالها بلفظ واحد للجميع من لغة عُقَيل، وعليه قِيسَ بعدُ، وإلحاق الضمائر من لغة بني تميم، وعليه أكثر العرب، وتُستعمل لازمةً، نحو: {هَلُمَّ إِلَيْنَا}؛ أي: أقبل، ومتعديةً، نحو: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} [الأنعام: ١٥٠]؛ أي: أحضروهم. انتهى (١).

(فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ) الذي بعثت به ابنها أنسًا إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، (فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَفُتَّ) بضمّ الفاء، وتشديد التاء، مبنيًّا للمفعول: يقال: فَتَّ الرجلُ الخبزَ فَتًّا، من باب نصر، فهو مفتوتٌ، وفَتِيتٌ، والْفَتيتة أخصّ منه، والْفُتاتُ بالضمّ: ما تفتّت من الشيء (٢).

(وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا، فَأَدَمَتْهُ) بالقصر، والمدّ لغتان: أَدَمته، وآدمته؛ أي: صَيّرت ما خرج من العُكّة له إدامًا، و"الْعُكّة" - بضم المهملة، وتشديد الكاف -: إناء صغير، من جلد، مستدير، يُجعل فيه السمن غالبًا، والعسل، وفي رواية مبارك بن فَضالة: "فقال: هل من سَمْن؟ فقال أبو طلحة: قد كان في العُكّة سَمْن، فجاء بها، فجعلا يعصرانها، حتى خرج، ثم مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به سبابته، ثم مسح القرص، فانتفخ، وقال: بسم الله، فلم يزل يصنع ذلك، والقرص ينتفخ، حتى رأيت القرص في الجفنة يتميّع"، وفي رواية سعد بن سعيد: "فمسَّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودعا فيها بالبركة"، وفي رواية النضر بن أنس: "فجئت بها، ففتح رباطها، ثم قال: بسم الله، اللهم أَعْظِم فيها البركة"، وعُرف بهذا المرادُ بقوله: "وقال فيها ما شاء الله أن يقول".

(ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ) قد تبيّن آنفًا الدعاء الذي قاله - صلى الله عليه وسلم -، فتنبّه. (ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ") ظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل منزل أبي


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٣٩ - ٦٤٠.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٦١.