قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ناهيًا عباده المؤمنين عن تعاطي الخمر، والميسر، وهو القمار ({يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}) خطاب لجميع المؤمنين بترك هذه الأشياء؛ إذ كانت شهوات وعادات، تَلَبَّسوا بها في الجاهلية، وغلبت على النفوس، فكان نَفِيٌّ منها في نفوس كثير من المؤمنين. قال ابن عطية: ومن هذا القبيل هَوَى الزجر بالطير، وأخذ الفأل في الكتب ونحوه، مما يصنعه الناس اليوم، وأما الخمر فكانت لَمْ تحرَّم بعدُ، إنما نزل تحريمها في سنة ثلاث، بعد وقعة أُحد، وكانت وقعة أُحد في شوال سنة ثلاث من الهجرة.
{إِنَّمَا الْخَمْرُ} تقدم اشتقاقها، ومعناها، في أول الباب. {وَالْمَيْسِرُ} هو قِمار العرب بالأزلام، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: كان الرجل في الجاهلية، يُخاطر الرجل على أهله وماله، فأيهما قَمَر صاحبه ذهب بماله وأهله، فنزلت الآية. وقال مجاهد، ومحمد بن سيرين، والحسن، وابن المسيب، وعطاء، وقتادة، ومعاوية بن صالح، وطاوس، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس أيضًا: كلّ شيء فيه قمار من نَرْد، وشطرنج فهو الميسر، حتى لَعِبُ الصبيان بالْجَوْز والكِعَاب (١)، إلَّا ما أبيح من الرِّهان في الخيل، والقرعة في إفراز الحقوق، وقال مالك: الميسر ميسران: ميسر اللَّهو، وميسر القمار، فمن ميسر اللَّهو: النردُ، والشطرنج، والملاهي كلها، وميسر القمار: ما يتخاطر الناس عليه. قال