للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكذلك السَّطِيحةُ، "جمعه: مَزَادٌ ومَزَايِدُ" قاله أَبو عُبَيدَةَ، والظاهر من عبارة المصنّف أَنهما قولان، والمعروف أَن الثاني بيانٌ للأَول كما قاله شيخُنا، وفي "المحكم": والمَزَادَةُ التي يُحمَل فيها الماءُ وهي ما فُئِمَ بجِلْدِ ثالثٍ بين الجِلْدَيْنِ لتتَّسِعَ، سُمِّيَ بذلك لمَكَانِ الزِّيادة، وقيل: هي المَشْعُوبة من جانب واحدٍ، فإِن خَرَجَتْ من وَجْهَيْنِ فهي شَعِيبٌ. وقالوا: البَعيرُ يَحمِل الزَّادَ والمَزَادَ؛ أي: الطَّعامَ والشَّرَابَ، والمَزادةُ بمنزلةِ رَاوِيةٍ لا عَزْلاءَ لها. قال أَبو منصور: المَزَادُ بغير هاءٍ هي الفَرْدةُ التي يَحْتَقِبها الرَّاكبُ بِرَحْلِه ولا عزلاءَ لها. وأَما الرَّاوِيةُ فإِنها تَجْمَع بينْ المَزادتينِ يُعكَمانَ على جَنْبَي البَعِير، ويرَوَّى عليهما بالرِّواءِ وكلّ واحدة منها مَزَادةٌ، والجمع مَزايِدُ. وربما حذَفُوا الهاءَ فقالوا: مَزَادٌ. وقال ابن شُمَيْل: السَّطِيحة جلدان مُقابَلَان، والمَزَادةُ تكون من جِلْدين ونِصْف وثَلاثةِ جُلود، سُمِّيَتْ لَأنها تَزِيد على السَّطِيحَتَيْنِ. قال شيخُنا: والمعروفُ في المَزَادةِ فتح الميم. وقال صاحب "المصباح": القِياسُ كسرُها؛ لأَنها آلة يُستقَى فيها الماءُ. قلت: ويخالفه قول السيد في "شرح المفتاح": إنها ظَرْفٌ للماء، وعليه فالقيَاسُ الفتْحُ، ويؤَيِّده قولُه بعدُ: يُستَقَى فيها؛ إذ لو كانَتْ آلة لقال يُسْتَقَى بِهَا. فَتأَمَّلْ، والله أعلم. انتهى كلام المرتضى - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وقوله: (خَلِيطُ بُسْرٍ وَتَمْرٍ) "الْخَليط": المختلط من أنواع شتّى، والمراد هنا: ما خُلِط من بسر، وتمر.

وقال ابن الأثير - رَحِمَهُ اللهُ -: في قوله: "نَهَى عن الخَلِيطَين أن يُنْبَذا": يريد ما يُنْبَذ من البُسر والتَّمر معًا، أو من العِنَب والزَّبيب، أو من الزَّبيب والتمر، ونحو ذلك، مما يُنْبَذ مُخْتلِطًا، وإنما نَهى عنه؛ لأنّ الأنْواع إذا اختَلَفت في الانْتبَاذِ كانت أسْرَع للشدة، والتَّخْمِير.

والنَّبيذُ المعمولُ من خَلِيطَين ذَهَبَ قوم إلى تَحْريمه، وإن لَمْ يُسْكِر أخْذًا بظاهر الحديث، وبه قال مالك، وأحمد، وعامَّة المُحَدِّثين، قالوا: من شَرِبه قبل حُدوث الشَّدة فيه، فهو آثِمٌ من جهةٍ واحدةٍ، ومَن شَرِبه بعد حُدوثها، فهو


(١) "تاج العروس" ١/ ٢٠١٤.