للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

سبيلهم، ثم انضاف إلى ذلك خطبة عمر - رضي الله عنه - بما يوافق ذلك، وهو ممن جعل الله الحقّ على لسانه، وقلبه، وسَمِعَهُ الصحابة وغيرهم، فلم ينقل عن أحد منهم إنكار ذلك، وإذا ثبتٌ أن كل ذلك يسمى خمرًا لزم تحريم قليله وكثيره، وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة في ذلك، ثم ذَكَرها.

قال: وأما الأحاديث عن الصحابة التي تمسَّك بها المخالف فلا يصح منها شيء، على ما قال عبد الله بن المبارك، وأحمد، وغيرهم.

وعلى تقدير ثبوت شيء منها فهو محمول على نقيع الزبيب، أو التمر، من قبل أن يدخل حدّ الإسكار؛ جمعًا بين الأحاديث.

قال الحافظ: ويؤيده ثبوت مثل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي في "باب نقيع التمر" (١).

ولا فرق في الحلّ بينه وبين عصير العنب أول ما يُعصر، وإنما الخلاف فيما اشتدّ منهما، هل يفترق الحكم فيه أو لا؟

وقد ذهب بعض الشافعية إلى موافقة الكوفيين في دعواهم أن اسم الخمر خاصّ بما يُتَّخذ من العنب، مع مخالفتهم له في تفرقتهم في الحكم، وقولهم بتحريم قليل ما أسكر كثيره من كل شراب، فقال الرافعيّ: ذهب أكثر الشافعية إلى أن الخمر حقيقةٌ فيما يُتخذ من العنب، مجازٌ في غيره، وخالفه ابن الرفعة، فنقل عن المزنيّ، وابن أبي هريرة، وأكثر الأصحاب أن الجميع يسمى خمرًا حقيقةً، قال: وممن نقله عن أكثر الأصحاب القاضيان: أبو الطيب، والرويانيّ، وأشار ابن الرفعة إلى أن النقل الذي عزاه الرافعيّ للأكثر لم يجد نقله عن الأكثر، إلا في كلام الرافعيّ، ولم يتعقبه النوويّ في "الروضة"، لكن كلامه في "شرح مسلم" يوافقه، وفي "تهذيب الأسماء" يخالفه.

وقد نقل ابن المنذر عن الشافعيّ ما يوافق ما نقلوا عن المزنيّ، فقال:


(١) أراد به قول البخاريّ رحمه الله: "باب نقيع التمر ما لم يُسكر"، ثم ساق بسنده عن سهل بن سعد الساعديّ أن أبا أسيد الساعدي دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - لعرسه، فكانت امرأته خادمهم يومئذ، وهي العروس، فقالت: هل تدرون ما أنقعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أنقعت له تمرات من الليل، في تَوْر. انتهى.