لأن الماء يُعين على قتله. هذا قول أكثر الفقهاء، رُوي ذلك عن عليّ، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عبّاس، وعائشة - رضي الله عنهم -، وبه قال مسروقٌ، والأسود، والحسن، وعطاءٌ، وطاوسٌ، وإسحاق، والشعبيّ، والحكم، وحمّاد، والثوريّ، وأبو حنيفة، والشافعيّ، وأبو ثور. وقال مالك: لا يجوز أكله إلا أن يُذكّى، وهو قول ربيعة، والليث. قال أحمد: لعلّ مالكًا لم يسمع حديث رافع بن خديج - رضي الله عنه -، واحتُجّ لمالك بأن الحيوان الإنسيّ إذا توحّش لم يثبُت له حكم الوحشيّ، بدليل أنه لا يجب على المحرم الجزاء بقتله، ولا يصير الحمار الأهليّ مباحًا إذا توحّش. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه الجمهور من جواز أكل الحيوان المتوحّش بجرحه، هو الأرجح عندي؛ لحديث رافع بن خَدِيج - رضي الله عنه - المذكور؛ وأما احتجاج مالك، ومن قال بقوله بما ذُكر، ففيه نظر لا يخفى؛ لأنه في مقابلة النصّ، ونعتذر عنهم بما تقدّم عن أحمد - رضي الله عنه - من أنهم لم يبلغهم النصّ، فقاسوا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
وكلّهم ذُكروا في الباب، والباب الماضي، وقبله بباب.
وقوله:(كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذِي الْحُلَيْفَةِ) هو مكان غير ميقات أهل المدينة؛ لأن الميقات في طريق الذاهب من المدينة، ومن الشام إلى مكّة، وهذه بالقرب من ذات عِرق، بين الطائف ومكة، وكذا جزم به أبو بكر