صنعه الآدميّ؛ لئلا ينكسر خاطره، ويُنْسَب إلى التقصير فيه، وأما الذي خُلِق كذلك فليس نفور الطبع منه ممتنعًا.
٦ - (ومنها): أن وقوع مثل ذلك ليس بمعيب ممن يقع منه، خلافًا لبعض المتنطعة.
٧ - (ومنها): أن الطِّباع تختلف في النفور عن بعض المأكولات.
٨ - (ومنها): ما قيل: إنه قد يُستنبط منه أن اللحم إذا أنتن لم يحرم؛ لأن بعض الطباع لا تعافه.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا فيه نظر لا يخفى؛ لأنه تقدّم أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث أبي ثعلبة الخشنيّ - رضي الله عنه -: "فليأكله إلا أن يُنتن"، فإنه صريح أنه إذا أنتن لا يجوز أكله، وهو صريح، فيقدّم على هذا المفهوم، والله تعالى أعلم.
٩ - (ومنها): جواز دخول أقارب الزوجة بيتها، إذا كان بإذن الزوج، أو رضاه.
[تنبيه]: قال الحافظ: وذَهِل ابنُ عبد البرّ هنا ذهولًا فاحشًا، فقال: كان دخول خالد بن الوليد بيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في هذه القصة قبل نزول الحجاب، وغفل عما ذَكَره هو أن إسلام خالد كان بين عمرة القضية والفتح، وكان الحجاب قبل ذلك اتفاقًا، وقد وقع في حديث الباب:"قال خالد: أحرام هو يا رسول الله؟ " فلو كانت القصة قبل الحجاب لكانت قبل إسلام خالد، ولو كانت قبل إسلامه لم يسأل عن حلال ولا حرام، ولا خاطب بقوله: يا رسول الله. انتهى (١).
١٠ - (ومنها): جواز الأكل من بيت القريب، والصهر، والصديق، وكأن خالدًا ومن وافقه في الأكل أرادوا جَبْر قَلْب الذي أهدته، أو ليتحقق حكم الحلّ، أو لامتثال قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلوا"، وفَهِم من لم يأكل أن الأمر فيه للإباحة.
١١ - (ومنها): أن فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يؤاكل أصحابه، ويأكل اللحم حيث تيسّر، وأنه كان لا يَعْلَم من المغيَّبات إلا ما علّمه الله تعالى.
١٢ - (ومنها): أن فيه وفورَ عقل ميمونة أم المؤمنين - رضي الله عنها -، وعظيم نصيحتها للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنها فَهِمت مظنة نفوره عن أكله بما استقرأت منه،