للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مُراغِمًا لأهل مكة، فطاف، وسعى، وأظهر إسلامه، وأغاظهم بذلك، والله أعلم. انتهى (١).

(فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ) زاد ابن هشام: "قال: بلغني أنه خرج معتمرًا، حتى إذا كان ببطن مكة لَبَّى، فكان أول من دخل مكة يلبي، فأخذته قريش، فقالوا: لقد اجترأت علينا، وأرادوا قتله، فقال قائل منهم: دعوه، فإنكم تحتاجون إلى الطعام من اليمامة، فتركوه. (قَالَ لَهُ قَائِلٌ: أَصَبَوْتَ؟) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هكذا هو في الأصول: "أصبوت"، وهي لغة، والمشهور: "أصبأت" بالهمز، وعلى الأول جاء قولهم: "الصُّبَاة"؛ كقاضٍ، وقُضَاةٍ. انتهى (٢).

وقال في "الفائق": صبأ: إذا خرج من دين إلى دين، صبأ ناب البعير: إذا طلع، وصبا النجم. انتهى (٣).

وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وصَبَأَ من دين إلى دين يَصْبَأُ، مهموزٌ بفتحتين: خَرَجَ، فهو صَابِئٌ، ثم جُعِل هذا اللقب عَلَمًا على طائفة من الكفار، يقال: إنها تعبد الكواكب في الباطن، وتُنسَب إلى النصرانية في الظاهر، وهم: الصَّابِئَةُ، والصَّابِئُونَ، ويَدَّعُون أنهم على دين صابئ بن شيث بن آدم، ويجوز التخفيف، فيقال: الصَّابُونُ، وقرأ به نافعٌ. انتهى (٤).

(فَقَالَ) ثمامة - رضي الله عنه - (لَا) قال في "الفتح": كأنه قال: لا، ما خرجت من الدين؛ لأنَّ عبادة الأوثان ليست دينًا، فإذا تركتها لا أكون خرجت من دين، بل استحدثت دين الإسلام. انتهى.

وقال بعضهم: فإن قيل: كيف قال: "لا"، وهو قد خرج من الشرك إلى التوحيد؟

قلت: مرادهم بـ"صبوت": خرجت من الحقّ إلى الباطل، فجوابه بـ"لا" مطابق لِمَا في نفس الأمر وحقيقة الحقّ، أو هو من الأسلوب الحكيم، كأنه قال: ما خرجت من الدين؛ لأنكم لستم على دين، فأخرج منه، بل اخترت


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٨٩.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٨٩ - ٩٠.
(٣) راجع: "الكاشف عن حقائق السنن" ٩/ ٢٧٤١.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ٣٣٢.