للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

اجتماع، وائتلاف، قال ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وحبل الله في هذا الموضع فيه قولان: أحدهما: كتاب الله، والآخر: الجماعة، ولا جماعة إلَّا بإمام، وهو عندي معنى متداخل متقارب؛ لأنَّ كتاب الله يأمر بالأُلفة، وينهى عن الفرقة، قال الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} الآية [آل عمران: ١٠٥]، وقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣]. انتهى (١).

٣ - (ومنها): النهي عن كثرة الكلام بما لا يعني؛ لأنه إن كان مباحًا ففيه إضاعة الوقت، وإن كان حرامًا، ففيه كثرة المآثم.

٤ - (ومنها): النهي عن كثرة السؤال عن أموال الناس، فقد وردت نصوص كثيرة في ذمّ كثرة السؤال، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من سأل الناس تكثّرًا، فإنما يسأل جمرًا، فليستقلّ، أو ليستكثر"، رواه مسلم.

وعن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن المسألة كَدّ يَكُدّ بها الرجل وجهه، إلَّا أن يسأل الرجلُ سلطانًا، أو في أمر لا بدَّ منه"، رواه الترمذيّ، وقال: حديث حسن صحيح، والكَدّ: الْخَدْش ونحوه.

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من أصابته فاقة، فأنزلها بالناس، لَمْ تُسَدّ فاقته، ومن أنزلها بالله، فيوشك الله له برزق عاجل، أو آجل"، رواه أبو داود، والترمذيّ، وقال: حديث حسن، يوشك - بكسر الشين؛ أي: يُسرع (٢).

والحاصل أن كثرة الكلام بما لا معنى له، ولا فائدة فيه، من أحاديث الناس لا يخلو أكثرها من أن يكون غِيبة، ولَغَطًا، وكذبًا، ومَن أكثر من القيل والقال مع العامة لَمْ يَسْلم من الخوض في الباطل، ولا من الاغتياب، ولا من الكذب، وقد صحّ عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا، أو ليصمت"، متَّفقٌ عليه، وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدّث بكل ما سمع"، رواه مسلم.


(١) "التمهيد" ٢١/ ٢٧٢.
(٢) "رياض الصالحين" للنووي - رَحِمَهُ اللهُ - ١/ ١٥٤.