للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في معصية، ولا خلاف في هذا إن شاء الله. انتهى كلام القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١)، وهو بحث مفيد.

وقال ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "وإضاعة المال" للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:

أحدها: أن المال أريد به مِلك اليمين، من العبيد، والاماء، والدوابّ، وسائر الحيوان الذي في ملكه أن يُحْسِن إليه، ولا يُضيعهم، فيضيعون، وهو قول السَّرِيّ بن إسماعيل، عن الشعبيّ، واحتَجَّ من ذهب هذا المذهب بحديث أنس، وأم سلمة، أن عامة وصية رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين حضرته الوفاة كانت قوله: "اللهَ اللهَ، الصلاةَ الصلاةَ، وما ملكت أيمانكم".

والقول الثاني: إضاعة المال: ترك إصلاحه، والنظر فيه، وتنميته، وكسبه.

والقول الثالث: إضاعة المال: إنفاقه في غير حقه، من الباطل، والإسراف، والمعاصي، وهذا هو الصواب عند ذوي الدِّين والالباب.

رَوَى ابن وهب قال: حدّثنا إبراهيم بن نشيط، قال: سألت عمر مولى عُفْرة عن الإسراف ما هو؟ فقال: كلّ شيء أنفقته في غير طاعة الله، وفي غير ما أباحه الله فهو إسراف، وإضاعة للمال.

ورَوَى أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدّثنا يعلى بن عبيد، عن محمد بن سُوقة، عن سعيد بن جبير أنه سأله رجل عن إضاعة المال، فقال: أن يرزقك الله رزقًا، فتنفقه في ما حرّم الله عليك، وهكذا قال مالك - رَحِمَهُ اللهُ - (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.

[تنبيه]: رَوَى يحيى بن يحيى الليثيّ هذا الحديث في "الموطّأ" مرسلًا، قال الحافظ ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هكذا روى يحيى هذا الحديث مرسلًا، لَمْ يذكر أبا هريرة، وتابعه ابن وهب، من رواية يونس بن عبد الأعلى عنه،


(١) "المفهم" ٥/ ١٦٤ - ١٦٥.
(٢) "الاستذكار" ٨/ ٥٧٩ - ٥٨٠.