للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ما في هذا الكتاب قد عَمِل به أهل العلم، إلا هذا الحديث، وحديث الجمع بين الصلاتين في الحضر.

وتعقبه النوويّ (١)، فسَلَّم قوله في حديث الباب دون الآخَر.

ومال الخطابيّ (٢) إلى تأويل الحديث في الأمر بالقتل، فقال: قد يَرِد الأمر بالوعيد، ولا يُراد به وقوع الفعل، وإنما قُصِد به الردع والتحذير، ثم قال: ويَحْتَمِل أن يكون القتل في الخامسة كان واجبًا، ثم نُسخ بحصول الإجماع من الأمة على أنه لا يُقتل، وأما ابن المنذر فقال: كان العمل فيمن شرب الخمر أن يُضْرَب، ويُنَكَّل به، ثم نُسِخ بالأمر بجَلده، فإن تكرر ذلك أربعًا قُتِل، ثم نُسخ ذلك بالأخبار الثابتة، وبإجماع أهل العلم إلا من شذّ ممن لا يُعَدّ خلافه خلافًا. قال الحافظ: وكأنه أشار إلى بعض أهل الظاهر، فقد نُقِل عن بعضهم، واستمرّ عليه ابن حزم منهم، واحتَجّ له، وادَّعَى أن لا إجماع، وأورد من مسند الحارث بن أبي أسامة ما أخرجه هو والإمام أحمد، من طريق الحسن البصريّ، عن عبد الله بن عمرو، أنه قال: ائتوني برجل أُقيمَ عليه الحدّ - يعني: ثلاثًا - ثم سَكِر، فإن لم أقتله فأنا كذّاب. وهذا منقطع؛ لأن الحسن لم يسمع من عبد الله بن عمرو، كما جزم به ابن المدينيّ وغيره، فلا حجة فيه، وإذا لم يصح هذا عن عبد الله بن عمرو لم يبق لمن رَدّ الإجماع على ترك القتل متمسَّك، حتى ولو ثبت عن عبد الله بن عمرو لكان عُذْره أنه لم يبلغه النسخ، وعُدّ ذلك من نزره المخالف.

وقد جاء عن عبد الله بن عمرو أشدّ من الأول، فأخرج سعيد بن منصور عنه، بسند لَيِّن قال: لو رأيت أحدًا يشرب الخمر، واستطعت أن أقتله لقتلته.

وأما قول بعض من انتصر لابن حزم، فطعن في النسخ بأن معاوية إنما أسلم بعد الفتح، وليس في شيء من أحاديث غيره الدالة على نسخه التصريح بأن ذلك متأخر عنه.

وجوابه أن معاوية أسلم قبل الفتح، وقيل: في الفتح، وقصة ابن النعيمان كانت بعد ذلك؛ لأن عقبة بن الحارث حضرها، إما بحُنَيْن، وإما بالمدينة،


(١) "شرح مسلم" ١١/ ٢١٦.
(٢) "معالم السنن" ٣/ ٢٩٣.