للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأول: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل فيها حدًّا معلومًا، بل كان يقتصر في ضرب الشارب على ما يليق به، قال ابن المنذر: قال بعض أهل العلم: أُتِي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بسكران، فأمرهم بضربه، وتبكيته، فدلّ على أن لا حدّ في السُّكر، بل فيه التنكيل والتبكيت، ولو كان ذلك على سبيل الحدّ لبيّنه بيانًا واضحًا، قال: فلمّا كَثُر الشراب في عهد عمر استشار الصحابة، ولو كان عندهم عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - شيء محدود لَمَا تجاوزوه، كما لم يتجاوزوا حدّ القذف، ولو كَثُر القاذفون، وبالغوا في الفحش، فلما اقتضى رأيهم أن يجعلوه كحدّ القذف، واستدَلّ عليّ بما ذَكَر من أن في تعاطيه ما يؤدي إلى وجود القذف غالبًا، أو إلى ما يُشبه القذف، ثم رجع إلى الوقوف عند تقدير ما وقع في زمن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - دلّ على صحة ما قلناه؛ لأن الروايات في التحديد بأربعين اختَلَفت عن أنس، وكذا عن عليّ، فالأَوْلى أن لا يتجاوز أقل ما ورد أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ضربه؛ لأنه المحقَّق، سواء كان ذلك حدًّا أو تعزيرًا.

الثاني: أن الحد فيه أربعون، ولا تجوز الزيادة عليها.

الثالث: مثله، لكن للإمام أن يبلغ به ثمانين، وهل تكون الزيادة من تمام الحدّ، أو تعزيرًا؟ قولان.

الرابع: أنه ثمانون، ولا تجوز الزيادة عليها.

الخامس: كذلك، وتجوز الزيادة تعزيرًا، وعلى الأقوال كلها، هل يتعيَّن الجلد بالسوط، أو يتعيَّن بما عداه، أو يجوز بكل من ذلك؟ أقوال.

السادس: إن شرب، فجُلد ثلاث مرات، فعاد الرابعة وجب قتله، وقيل: إن شرب أربعًا، فعاد الخامسة وجب قتله.

قال الحافظ: وهذا السادس في الطرف الأبعد من القول الأول، وكلاهما شاذّ، وأظن الأول رأي البخاريّ، فإنه لم يُترجم بالعدد أصلًا، ولا أَخْرَج هنا في العدد الصريح شيئًا مرفوعًا.

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن المذهب الأول هو الأوضح، والأرجح، كما هو ظاهر مذهب الإمام البخاريّ، فتأمله بالإمعان، ولا يتعارض هذا مع ما قدّمته من ترجيح قول القرطبيّ؛ لأن قوله موافق لهذا القول، فتأمل، والله تعالى أعلم.