للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عبد الرحمن بن عوف في أن الثمانين أدنى الحدود، وأراد بذلك الحدود المذكورة في القرآن، وهي: حَدُّ الزنا، وحدّ السرقة بالقطع، وحد القذف، وهو أخفها عقوبة، وأدناها عددًا.

وقد مضى من حديث أنس في رواية شعبة وغيره سبب ذلك، وكلام عبد الرحمن فيه، حيث قال: أخفّ الحدود ثمانون، فأمر به عمر.

وأخرج مالك في "الموطأ" عن ثور بن زيد، أن عمر استشار في الخمر، فقال له عليّ بن أبي طالب: نرى أن تجعله ثمانين، فإنه إذا شَرِبَ سَكِر، وإذا سَكِر هَذَى، فإذا هَذَى افترى، فجلد عمر في الخمر ثمانين.

وهذا معضلٌ، وقد وصله النسائيّ، والطحاويّ من طريق يحيى بن فُليح، عن ثور، عن عكرمة، عن ابن عباس مطوّلًا، ولفظه: "إن الشُّرّاب كانوا يُضربون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأيدي، والنعال، والعصا، حتى تُوُفّي، فكانوا في خلافة أبي بكر أكثر منهم، فقال أبو بكر: لو فرضنا لهم حدًّا، فتوخى نحو ما كانوا يُضربون في عهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فجلدهم أربعين، حتى تُوُفّي، ثم كان عمر، فجلدهم كذلك، حتى أُتِي برجل، فذكر قصة، وأنه تأوّل قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآية [المائدة: ٩٣]، وأن ابن عباس ناظره في ذلك، واحتج ببقية الآية، وهو قوله تعالى: {إِذَا مَا اتَّقَوْا}، والذي يرتكب ما حرّمه الله ليس بمتقٍ، فقال عمر: ما ترون؟ فقال عليّ، فَذَكره، وزاد بعد قوله: "وإذا هَذَى افترى، وعلى المفتري ثمانون جلدة"، فأَمَر به عمر، فجلده ثمانين.

ولهذا الأثر عن عليّ طرق أخرى، منها:

ما أخرجها الطبرانيّ، والطحاويّ، والبيهقيّ من طريق أسامة بن زيد، عن الزهريّ، عن حميد بن عبد الرحمن، أن رجلًا من بني كلب، يقال له: ابن دبرة أخبره، أن أبا بكر كان يجلد في الخمر أربعين، وكان عمر يجلد فيها أربعين، قال: فبعثني خالد بن الوليد إلى عمر، فقلت: إن الناس قد انهمكوا في الخمر، واستخفّوا العقوبة، فقال عمر لمن حوله: ما ترون؟ قال: ووجدت عنده عليًّا، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف في المسجد، فقال عليّ، فذكر مثل رواية ثور الموصولة.