٨ - (ومنها): جواز الإخبار عن الشيء، ووقوعه في المستقبل، بناءً على غلبة الظنّ، فإن سليمان عليه السلام جزم بما قال، ولم يكن ذلك عن وحيٍ، وإلا لوقع، كما قيل.
وقال القرطبيّ رحمه الله: لا يَظُنُّ بسليمان عليه السلام أنه قطع بذلك على ربّه، إلا من جهِلَ حالَ الأنبياء، وأدبهم مع الله تعالى.
وقال ابن الجوزيّ رحمه الله:[فإن قيل]: من أين لسليمان عليه السلام أن يُخلَق من مائه هذا العدد في ليلة؟ لا جائز أن يكون بوحيٍ؛ لأنه ما وقع، ولا جائز أن يكون الأمر في ذلك إليه؛ لأن الإرادة لله.
[والجواب]: أنه من جنس التمنّي على الله، والسؤال له أن يفعل، والقسمِ عليه، كقول أنس بن النضر -رضي الله عنه-: "والله لا تكسر سنّها".
ويَحْتَمِل أن يكون لَمّا أجاب الله دعوته أن يهب له ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده، كان هذا عنده من جملة ذلك، فجزم به، وأقرب الاحتمالات ما ذكرته أوّلًا، وبالله التوفيق.
قال الحافظ رحمه الله: ويَحْتَمِل أن يكون أُوحي إليه بذلك مقيّدًا بشرط الاستثناء، فنسي الاستثناء، فلم يقع ذلك؛ لفقدان الشرط، ومن ثَمّ ساغ له أوّلًا أن يحلف، وأبعد من استدلّ به على جواز الحلف على غلبة الظنّ. انتهى (١).
٩ - (ومنها): جواز السهو على الأنبياء عليهم السلام وأن ذلك لا يقدَح في علوّ منصبهم.
١٠ - (ومنها): جواز الإخبار عن الشيء أنه سيقع، ومُستَنَدُ المخبِرِ الظنّ، مع وجود القرينة القويّة لذلك.
١١ - (ومنها): جواز إضمار المقسم به في اليمين؛ لقوله:"لأطوفنّ"، مع قوله عليه السلام:"لم يَحنث"، فدلّ على أن اسم الله فيه مقدّرٌ، فإن قال أحدٌ بجواز ذلك، فالحديث حجة له، بناء على أن شرع من قبلنا شرعٌ لنا، إذا ورد على لسان الشارع، وإن وقع الاتّفاق على عدم الجواز، فيحتاج إلى تأويله،