للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: وما المانع من جواز ذلك، ويكون لشدّة وثوقه بحصول مقصوده، وجزم بذلك، وأَكَّد بالحلف، فقد ثبت في الحديث الصحيح: "إنّ من عباد الله، من لو أقسم على الله لأبرّه" (١)، متّفقٌ عليه.

(فَتَحْمِلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُن، فتلِدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا) قال القرطبيّ رحمه الله: الغلام هو الصغير، لكن أراد هنا الشابّ المطيق للقتال.

(فَارِسًا) قال الفيّوميّ رحمه الله: الفَارِسُ: الراكب على الحافر، فرسًا كان، أو بغلًا، أو حمارًا، قاله ابن السِّكِّيت، يقال: مرّ بنا فَارِسٌ على بغل، وفَارِسٌ على حمار، وفي "التهذيب": فَارِسٌ على الدابة بَيِّنُ الفروسية، قال الشاعر [من الطويل]:

وإني امْرُؤٌ لِلْخَيْلِ عِنْدِي مَزِيَّةٌ … عَلىَ فَارِسِ البِرْذَوْنِ أَو فَارِسِ البَغْل

وقال أبو زيد: لا أقول لصاحب البغل، والحمار: فَارِسٌ، ولكن أقول: بَغّالٌ، وحَمّارٌ، وجمع الفَارِسِ: فُرْسَانٌ، وفَوَارِسُ، وهو شاذّ؛ لأن فواعل إنما هو جمع فاعلة، مثل ضَارِبَةِ، وضَوَارِبَ، وصَاحِبَة وصَوَاحِبَ، أو جمع فاعل صفة لمؤنث، مثل حائِض وحَوَائِضَ، أو كان جمع ما لا يعقل، نحو جمل بَاِزلٍ وبَوَازِلَ، وحائط وحَوَائِطَ، وأما مذكرُ مَن يعقل، فقالوا: لم يأتِ فيه فَوَاعِلُ، إلّا فَوَارِسُ، وَنَواكِسُ، جمع ناكس الرأس، وهوالك، ونواكص، وسوابق، وخوالف، جمع خالف، وخالفة، وهو القاعد المتخفف، وقوم ناجعة ونواجع، وعن ابن القطان: ويُجمع الصاحب على صواحب. انتهى كلام الفيّويّ رحمه الله (٢)، وهو بحث مفيدٌ جدًّا.

وقد أشار ابن مالك رحمه الله إلى ما ذُكر من القاعدة في "الخلاصة" حيث قال:

فَوَاعِلٌ لَفَوْعَلٍ وَفَاعَلِ … وَفَاعِلَاءَ مَعَ نَحْوِ كَاهِلِ

وَحَائِضٍ وَصَاهِلٍ وَفَاعِلَهْ … وَشَذَّ فِي الْفَارِسِ مَعْ مَا مَاثَلَهْ

(يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ)؛ أي: لإعلاء كلمة الله عز وجل، هذا قاله سليمان عليه السلام


(١) "الفتح" ١٥/ ٣٩٩ رقم (٦٧١٨).
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٦٧ - ٤٦٨.